خرف السياسة الدولية

بقلم سعدات عمر*

العالم كله شرقاً وغرباً قد انقلب وتوقفت معه الحياة بعواطفها الصادقة من هذه الحقبة التاريخية الظلامية السوداوية في روحها لتربطها بها روابط ماسونية من المرحلة الكوندورزية المنحطة أخلاقياً والأكثر خطورة من حيث الإجرام ومن حيث الموضوعية والتكتيك وفي الامتثال والخضوع لقواعد عدوانية تمتهن المجازر والمذابح والتدمير والتهجير للوصول إلى اليأس الذي تَحٍفُّ به المخاطر من كل جانب ويُجبرنا بالتالي على طرح سؤال تتفاعل معه عقولنا وقلوبنا إيجاباً وسلباً. هل يدرك العرب كأمة معنى الحياة بجمالها الروحي وأبعادها المثالية المجازر والمذابح التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة من قبل إسرائيل مع الإصرار على تهويد القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية وهم يعيشونها لحظة بلحظة فليس من السهل التأرجح في الزمان والمكان المُصادرين والربط بين ما يجري الآن من إبادة جماعية لشعبنا الفلسطيني في غزة والتشبث في الإنقسام وكأنه زمن الجاهلية قد عاد بكل حالاته من استمتاع بالغزو والسبي والاستعباد وبهذا السبات العميق لروح القومية العربية لإيقاظ القُدرة على التَّذكُر والتَّفكُر فعُصارة الماضي وأمل المُستقبل هو معنى السعادة والفرح واللذة والألم والدموع والقساوة تقف بين أسوار الزمن الفلسطيني تصنع الوحدة الوطنية لتصنع المعجزات في ساعات اليأس بطهر أسرار النواميس لأيام السلام والكلام والوئام والعتاب وبُعدُ الخصام إنها الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف التي تُخيف الملوك والرؤساء والأمراء الذين تخلوا عن عروشهم الأخلاقية وكسروا تيجانهم المعنوية ورموا بصولجانهم الماسي الذي لا ينحني فوق العواصف ضمن الواحة الدافعة نحو المستقبل الخائف من أجل إسرائيل ووجود إسرائيل وهو ضرب من الهروب في صحراء الخطوات والمتاهات. إن فكرة الوازع الأخلاقي المُنزَّه عن سلطة القانون الدولي، والخوف من بُعدها عن معمعة الصراع، والاصطراع المذهبي والطائفي والاثني والقومي، ومحاولة إحتلال مركز متقدم خوفاً من إصابة السياسة الدولية بشكل عام بمرض ازدواجية المعايير، وكثير من الأحيان بالخرف لأن هذه الرغبة سوف تُشطر إلى فئتين، فئة تحاول أن تفرض النظام على آخرين فرضاً، وفئة تُجَرُّ عبثاً إلى الحقيقة التي تتمثل في اللحظات الفريدة بعلاقة خبيثة مُبهمة تُضعٍفها فكرة التراكم من الآخرين، وعندئذ تغدو من المستحيل. رحم الله ضحايا، وشهداء شعبنا الفلسطيني، واللبناني في غزة والضفة، وفي جنوب لبنان.
*كاتب سياسي فلسطيني

البوابة 24