البوابة 24

البوابة 24

ماذا يعني تغيير اسم وزارة الاتصالات؟

بقلم حسن أبو العيله 

إن تغيير اسم الوزارة من الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى الاتصالات والاقتصاد الرقمي ، وبحكم خبرتي ومعرفتي في هذا القطاع التي استمرت 26 عام ، فإن رؤية الحكومة وعلى وجه الخصوص رئيس وزرائها الذي كان له دور كبير ومساهمات متنوعه ومتعدده في هذا القطاع على المستوى الوطني والدولي هي رؤية مختلفة عن الحالة النمطية والتقليدية التي أُدير فيها هذا القطاع على مدار العقود السابقه ، واذكر في العام 2016 في إحدى اللقاءات مع سيادة الأخ الرئيس أنني تحدثت إليه بأن وزارة الاتصالات لدى الدول التي حققت قفزات كبيرة في عمر زمني قصير ودخلت عالم الدول المتقدمة بدلاً من الدول النامية وحققت مداخيل مالية ساهمت في رفع الناتج القومي الاجمالي كان من أحد الاسباب أنها نظرت لوزارة الاتصالات وقطاع التكنولوجيا كوزارة سيادية على غير النمط التقليدي في تصنيف الوزارات ، ويعود السبب في ذلك أن هذه الوزارة وبسبب التقدم الهائل المحرز على مستوى الكوكب في هذا القطاع  له تأثيرات كبيرة على الأمن والاقتصاد والمجتمع بشكل عام والحياة الاجتماعية من حيث التاثير في اتجاهات الأفراد وسلوكهم ومن ثم على التنمية المستدامة المنشودة.
ولكي تحقق الدولة أهداف التنمية في هذا القطاع لا بد من توفر عناصر هامه تتمثل في تحرير السوق  لهذا القطاع والبيئة القانونية المنظمة والبيئة الجاذبة للاستثمار وحمايته وتوفير البيئة التنافسية وحماية المستهلك كجزء من مهام الدوله.
ووفقاً للمارسات الدولية الفضلى والتجارب الناجحه في عديد الدول ينقسم هذا القطاع إلى ثلاثة اقسام
الأول.... التخطيط والسياسات وتمثله الوزارة
الثاني ... التنظيم وتمثله  هيئة تنظيمية تتمتع بالاستقلالية التامة وتكون مرجعيتها جهة غير الحكومة وحسب النظم السياسية إن كانت رئاسية أو برلمانية.
والثالث....  تنفيذي يوكل إلى القطاع الخاص في بناء الشبكات وادارتها أي أن السوق ينظم نفسه من حيث قوى العرض والطلب ويعتمد على جودة الخدمات والسعر كمحرك رئيسي لدى الزبائن ، أي لا احتكار أو مشغل مهيمن يحتكر السعر والخدمات.
أما وقد تغير اسم الوزارة والذي يَنُمْ عن فهم عميق فهذا يعني وفق الرؤية الجديدة
أولاً...  أن الحكومة ذاهبة إلى تعزيز دور هيئة تنظيم قطاع الاتصالات وهو توجه سليم ولكن قبل ذلك لا بد من تعديل القانون الذي نشأت بموجبه الهيئة بحيث تتمتع بالاستقلالية التامة ومراجعة كل ما نشأ بموجب القانون أي من حيث مجلس الادارة والادارة التنفيذية والهيكل التنظيمي ، فالحال القائم لا يحقق الغاية المنشودة بسبب تضارب المصالح بين الوزارة والهيئة ويصبح وكأننا أنشأنا جسمين تنظيميين وهو ما يعيق نمو وتطور القطاع.، ومن الضرورة النظر في كفاءة وقدرة من سيدير هذه الهيئة وتجربته وخبرته وانتماءه الوطني .
ثانياً... إعادة النظر في الهيكل التظيمي للوزارة وفقاً للرؤية الجديدة والمرتبطة بالاقتصاد الرقمي.
ثالثاً... الرؤية الجديدة تؤشر على توجه الحكومة في صناعة البرمجيات والشراكات الفاعلة بين القطاع العام والخاص واثر ذلك على الاقتصاد من حيث إنتاج المعرفة التقنيةو  التكنولوجيه واثره أيضاً على الأقتصاد الكلي بشكل عام ورفع الناتج القومي ،  ومن المؤسف أن جزء من هذا القطاع يعمل وكيلاً لشركات برمجه تتبع الإحتلال ويستغل امكانيات وقدرات وابداعات العديد من  شبابنا الخريجين مقابل أجور متواضعة مقارنةً بما يجني من ارباح العقود الفرعية مع شركات الإحتلال .
فهذه الصناعة بالإضافة للمردود المالي فأنها تحقق مزيداً من الشفافية والوقت ( الذي يعني مال) والجهد والتحول من نمط الاستهلاك والروتين والبيروقراطية إلى جودة الخدمات وتحقفق أهداف التنمية المستدامة ، فالثروة ليست التي في باطن الأرض كما تعتقد العقول المغلقه إنما الثروة هي العقول النيرة وفي نظرة سريعة نرى أن هنالك دول ليس لديها موارد طبيعية وحققت اقتصاديات في المراتب الأولى على مستوى العالم گاليابان وكوريا الجنوبية على سبيل المثال لا الحصر .
رابعاً ... أما في قطاع البريد ففي ظل التقدم الهائل في قطاع التكنولوجيا وفقاً للرؤية الجديدة هذا يعني الانتقال من الخدمات التقليدية إلى خدمات تواكب تطور قطاع التجارة الالكترونية الأمر الذي يجب أن يواكبه تطور في الخدمات اللوجستية وادخال خدمات جديدة تسهم في رفع المردود المالي وفي هذا الإطار يجب النظر لتشغيل هذا القطاع بعقلية مختلفة تواكب تطور الخدمات والتعامل معه بعقلية التجارة ، مع ضرورة تنظيمه بصورة مختلفه عن ما هو عليه الآن وعمل شراكات مع القطاع الخاص وتحسين جودة الخدمات. 
هكذا افهم اسم وزارة الاتصالات والاقتصاد الرقمي . 
مع امنياتي بالتوفيق للوزير القادم املاً أن يُحْدِث التغيير المنشود ويحقق املاً جديداً للمهتمين بهذا القطاع وخلق فرص عمل جديده لجيش الخريجين العاطلين عن العمل. .

البوابة 24