بقلم: وسام الاغا
في يوم قاتم آخر من أيام غزة الدامية، باغتت صورايخ الاحتلال الإسرائيلي الصحفي الفلسطيني إسماعيل الغول ومصوره، ليُضاف اسماهما إلى قائمة طويلة من شهداء الحقيقة. في شمال غزة، حيث كانت عدسات الكاميرات توثق الجرائم والانتهاكات، قرر الاحتلال إسكات صوت الحقيقة بدم بارد. هذه الجريمة ليست سوى حلقة أخرى في سلسلة استهداف ممنهج للصحفيين، في محاولة يائسة لمنع كشف الوجه الحقيقي للاحتلال وجرائمه ضد الإنسانية. في ظل الصمت الدولي المخجل، تُرتكب جرائم حرب بحق الصحفيين الفلسطينيين. ينص القانون الدولي الإنساني، ولا سيما البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1949، على حماية الصحفيين العاملين في مناطق النزاع. المادة 79 من البروتوكول تنص بوضوح على ضرورة احترام وحماية الصحفيين وعدم معاملتهم كأهداف عسكرية. إن اغتيال إسماعيل الغول يُعد انتهاكًا صارخًا لهذه المبادئ، وجريمة حرب تستوجب المحاسبة. تتجاهل إسرائيل بشكل متعمد القانون الدولي الذي ينص على حماية الصحفيين. قرار مجلس الأمن رقم 1738 لعام 2006 يدين الهجمات على الصحفيين ويدعو جميع الأطراف إلى احترام حقوقهم وحمايتهم. استهداف الصحفيين الفلسطينيين هو تحدٍ سافر لهذا القرار، ويضع الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي. إن استمرار هذه الجرائم يُظهر الحاجة الملحة لتحرك دولي جاد ومحاسبة المسؤولين عنها. تحت الحصار الخانق والنيران المستمرة، يعيش أهل غزة واقعًا مريرًا يصعب على العالم تجاهله. في هذا السياق، يلعب الصحفيون دورًا حيويًا في نقل معاناة الفلسطينيين وكشف الجرائم التي ترتكب بحقهم. اغتيال إسماعيل الغول ومصوره ليس سوى محاولة بائسة لإسكات الأصوات التي توثق الألم والأمل. هذه الجريمة تُظهر مدى خوف الاحتلال من الكلمة والصورة، وكيف يمكن للحقيقة أن تُزعزع أركان الظلم. لم تكن جريمة اغتيال إسماعيل الغول ومصوره الأولى من نوعها، فقد سبقها اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي. كانت ايضا شيرين صوتًا جريئًا ينقل للعالم معاناة الشعب الفلسطيني، واستهدافها كان محاولة واضحة لإسكات الحقيقة ومنع نقل الصورة الحقيقية للجرائم التي تُرتكب بحق الفلسطينيين ٥ى الضفه الغربيه اغتيال شيرين أبو عاقلة يُعد جريمة حرب أخرى تضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات بحق الصحفيين الفلسطينيين. ايضا لم تقتصر جرائم الاحتلال على الصحفيين فقط، بل طالت عائلاتهم أيضًا. عائلة الدحدوح في غزة تعرضت لعدة استهدافات وحشية، حيث تم اغتيال زوجه الصحفى وائل الدحدوح واولاده وعدد من أفراد عائلته بدم بارد. هذه الجرائم تعكس سياسة الاحتلال الممنهجة لترويع المجتمع الفلسطيني وإسكات كل من ينقل الحقيقة. استهداف عائلة الدحدوح هو دليل آخر على أن الاحتلال لا يفرق بين الصحفيين وعائلاتهم، بل يستهدف الجميع في محاولة لترهيب وإسكات الأصوات التي تنادي بالحق. انا اعتقد ان استهداف الصحفيين ليس حادثًا عرضيًا، بل هو جزء من سياسة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى إسكات كل صوت يُنادي بالحق. منذ بداية الصراع، تم استهداف واغتيال 136 صحفيًا فلسطينيًا، وهو أعلى رقم لاستهداف الصحفيين أثناء الحروب مقارنة بحروب العراق وأفغانستان. هذا الاستهداف الممنهج يُظهر مدى الرعب الذي يعيشه الاحتلال من فضح جرائمه، وكيف يسعى بكل الوسائل إلى طمس الحقيقة. اقول في وجه هذا الظلم، لا يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى صامتًا. يجب على المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحقوق الصحفيين، مثل الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمة مراسلون بلا حدود، أن تتحرك فورًا للتحقيق في هذه الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها. يجب أن يكون هناك ضغط دولي لوقف استهداف الصحفيين وتوفير الحماية اللازمة لهم، لضمان استمرار نقل الحقيقة وعدم السماح لإسرائيل بإسكات الأصوات التي تنقل معاناة الفلسطينيين. إن استهداف الصحفيين الفلسطينيين هو جزء من حرب شاملة ضد الحقيقة والهوية الفلسطينية. باغتيال إسماعيل الغول وشيرين أبو عاقلة، ومحاولة ترويع عائلة الدحدوح، يحاول الاحتلال قتل الحقيقة، ولكن أصوات الحق لا تموت. ستظل حية، وستواصل نقل معاناة الشعب الفلسطيني للعالم. في مواجهة هذا الظلم، يجب أن يتحرك العالم ليوقف هذه الجرائم ويحاسب المسؤولين عنها، لأن الصمت عن هذه الجرائم هو مشاركة في ارتكابها. اليوم، نستذكر إسماعيل الغول وشيرين أبو عاقلة وكل الصحفيين الذين ضحوا بحياتهم لنقل الحقيقة، ونجدد العهد على مواصلة النضال من أجل العدالة والحقيقة.
كاتب وباحث فلسطينى