يستمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منع استكمال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وفقًا لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخاصة بقطاع غزة، عبر الإبقاء على إغلاق معبر رفح الواصل بين القطاع ومصر.
وفي المقابل، تدخل المساعدات الإنسانية عبر معبري كرم أبو سالم و"كيسوفيم" (القرارة) بين غزة وإسرائيل.
ولا تزال 18 جثة لجنود إسرائيليين داخل قطاع غزة، حيث تؤكد حركة حماس، إلى جانب الصليب الأحمر الدولي ومسؤولين أميركيين، أن العثور عليها صعب وسط الأنقاض التي خلفها القصف الإسرائيلي الكثيف، بينما تزعم إسرائيل أن حماس ترفض تسليم الجثث عمدًا.
ذريعة الجثث ومعبر رفح
ووفقًا لما جاء في الاتفاق المتعلق بخطة ترامب، كان من المقرر فتح معبر رفح يوم الإثنين الماضي لعبور مرضى ومصابين فلسطينيين بإشراف منظمة الصحة العالمية ومصر، مع السماح بعودة الغزيين إلى القطاع بحرية، إلا أن نتنياهو أعلن قبل الموعد أنه لن يفتح المعبر، مشترطًا تسليم جثث الأسرى أولًا.
إلا أن صحيفة "هآرتس" العبرية، نقلت عن مصادر مصرية ودبلوماسية فلسطينية أن السبب الحقيقي وراء إغلاق المعبر هو رفض نتنياهو تمكين أجهزة أمن السلطة الفلسطينية من تسلمه وتشغيله في الجانب الغزي، رغم أن خطة ترامب تنص على ذلك.
كما يشترط الاتحاد الأوروبي وجود تلك القوة الفلسطينية لإرسال عناصره ضمن القوة الدولية المكلفة بحفظ الاستقرار في القطاع، وهو ما صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة بتفويض من مجلس الأمن.
منع الخبراء الأتراك وتعدد الأهداف
ولفتت "الصحيفة"، إلى أن قرار نتنياهو بإغلاق المعبر حال دون دخول 81 خبيرًا تركيًا في مجال الإنقاذ وانتشال الجثث، العالقين حاليًا في الجانب المصري من المعبر.
وتابعت "الصحيفة"، أن نتنياهو "بمنعه فتح رفح، يحقق ثلاثة أهداف في آنٍ واحد: يعاقب حماس، يرفض الوجود التركي في غزة، ويمنع عودة السلطة الفلسطينية إلى المشهد"، لكنها شددت على أن هذا القرار يعيق في الوقت نفسه جهود استعادة جثث الأسرى الإسرائيليين.
قطر وتركيا تنافسان إسرائيل على النفوذ
من جهته، كتب رئيس مركز الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، د. ميخائيل ميلشتاين، في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن كلاً من قطر وتركيا تحاولان فرض واقع جديد في غزة لا ينسجم مع مطالب إسرائيل، وتسعيان لجذب الرئيس ترامب إلى صفّهما وتقليص دعمه لنتنياهو.
وأشار "ميلشتاين"، إلى أن قطر تعمل على صياغة وضع جديد يخدم مصالحها بموافقة أميركية ضمنية، وتتيح في الوقت نفسه دخول تركيا إلى القطاع، بدءًا من فريق الإنقاذ التركي المكلف بالبحث عن جثث الإسرائيليين، مع احتمال توسيع وجود أنقرة لاحقًا ليشمل مساعدات اقتصادية وربما حضورًا أمنيًا محدودًا.
كما أوضح "ميلشتاين"، أن هذا الوجود المشترك لقطر وتركيا، حتى لو كان جزئيًا، يشكل مكسبًا لحماس، إذ يمكنها الاستفادة من المساعدات لتقوية قدراتها العسكرية بصورة غير مباشرة.
تحركات مصرية ومواقف خليجية
وفي السياق ذاته، أشار "ميلشتاين"، إلى أن مصر تتحرك بسرعة لتشكيل إدارة جديدة في غزة تكون خاضعة لتأثيرها المباشر، على أن تضم السلطة الفلسطينية دون حماس، مقابل التعهد بنزع سلاح الفصائل، كما تسعى القاهرة إلى قيادة عملية إعادة الإعمار المدني في القطاع لتعزيز اقتصادها الوطني.
وفيما يتعلق بالسعودية والإمارات، فأوضح "ميلشتاين"، أنها تبقى على هامش المشهد رغم رغبة نتنياهو في إشراكهما، معتبرًا أن ابتعادهما عن "اليوم التالي" في غزة يمنح قطر وتركيا مجالًا أوسع للتحرك، وهو ما يصب في مصلحة حماس في نهاية المطاف.
تحذيرات من تموضع القوى الأجنبية
وشدد "ميلشتاين"، على أن تنامي التدخل الأجنبي في غزة يمثل مصدر قلق لإسرائيل، إذ قد يحد من حرية تحركها العسكري ويتيح لقوى مقربة من حماس إعادة تنظيم صفوفها، مؤكدًا على ضرورة أن تتعامل إسرائيل بعقلانية، لأن رفضها إشراك السلطة الفلسطينية أو العودة للتصعيد سيحول دون تحقيق توازن إقليمي يخدم مصالحها.