في خطوة لافتة، قامت حركة حماس، بتسليم ثلاثة من الرهائن الإسرائيليين بمنطقة وسط قطاع غزة، وهو موقع يختلف عن المواقع التي شهدت عمليات التسليم السابقة، فما الذي دفع الحركة لاختيار هذه المنطقة؟ وما الرسائل التي أرادت إيصالها؟
رسالة لـ ترامب خلال تسليم الرهائن الإسرائيليين
خلال الدفعات الأربع السابقة، جرت عمليات تسليم الرهائن الإسرائيليين في مناطق شمال القطاع، وشمال مدينة غزة، علاوة على خان يونس في الجنوب، غير أن اختيار وسط القطاع هذه المرة أثار تساؤلات، لاسيما لدى وسائل الإعلام الإسرائيلية، حيث رأت القناة 12 الإسرائيلية أن هذه الخطوة تحمل رسالة مباشرة إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي زعم أن قطاع غزة مدمر بالكامل وغير صالح للسكن.
مراسم التسليم "نحن الطوفان.. نحن اليوم التالي"
وفي هذا الإطار، حلل خبراء، الرسائل التي بعثتها حركة حماس خلال عملية تسليم الرهائن الإسرائيليين، مؤكدين أن اللافتة التي رفعتها حركة حماس خلال عملية تبادل الأسرى يوم السبت في قطاع غزة تحمل دلالات سياسية واضحة ورسائل استراتيجية للمرحلة القادمة من المفاوضات.
وضعت حماس اللافتة التي كتب عليها "نحن الطوفان.. نحن اليوم التالي" بثلاث لغات: العربية والعبرية والإنجليزية، على الطاولة التي شهدت تسليم ثلاثة أسرى إسرائيليين في مدينة دير البلح وسط القطاع، في خطوة تعكس استراتيجية إعلامية مدروسة تهدف إلى التأثير على المشهد السياسي الدولي والإقليمي.
رسائل متتالية من حماس
اعتمدت الحركة في إدارتها الإعلامية لوقف إطلاق النار على مجموعة من الرسائل الرمزية خلال كل عملية تسليم للرهائن، حيث أرفقت الدفعة الأولى من المحتجزين بهدايا وخريطة لفلسطين، فيما اختارت تنفيذ تسليم دفعة أخرى أمام منزل قائدها الراحل يحيى السنوار، أما في الدفعة الثالثة، فقد ظهر خلال المراسم عرض لسيارة سوداء ضخمة استولت عليها الحركة خلال عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023.
أما عملية التسليم الأخيرة، فقد جاءت محمّلة برسائل سياسية متعددة، إذ رأى المحلل السياسي والخبير في الحركات الدينية، ياسين الدويش، أنها تعكس موقفًا من مخرجات قمة البيت الأبيض الأخيرة، التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الثلاثاء الماضي.
وأوضح "الدويش"، إن اختيار ترامب لنتنياهو ليكون أول زعيم يلتقيه بعد توليه منصبه مجددًا يعتبر رسالة واضحة بأن الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية ستكون على رأس أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة، ضمن مشاريع سياسية جاهزة للتنفيذ.
حماس ترد على خطة ترامب
والجدير بالإشارة أن تصريحات ترامب ونتنياهو بعد القمة تضمنت على سلسلة من القضايا الحساسة، على رأسها خطة لتهجير سكان غزة، وطرح احتمال فرض إدارة أمريكية مؤقتة على القطاع بعد وقف الحرب، إلى جانب خطة لإبعاد قادة حماس وإعادة رسم الخريطة السياسية للضفة الغربية.
وفي هذا السياق، أكد "الدويش"، أن شعار حماس "نحن الطوفان.. نحن اليوم التالي" يمثل ردًا سياسيًا مدروسًا على تلك الطروحات، حيث يعكس إصرار الحركة على رفض أي مشاريع ترمي إلى إخراجها من المشهد، مؤكدة أن من قاد "الطوفان" لن يرحل عن أرضه ولن يقبل باستبدال الاحتلال الإسرائيلي بإدارة أمريكية.
كما نوه "الدويش"، بإن الرسالة تعكس تأكيد حماس على أنها ستكون الطرف الفاعل في تحديد مستقبل غزة بعد انتهاء الحرب.
رسائل داخلية وخارجية متعددة
وفي السياق ذاته، أشار خبير القانون الدولي والمحلل السياسي، نور الدين حمودة، إلى أن شعار حماس ليس موجهًا فقط إلى ترامب ونتنياهو، بل يحمل أيضًا رسالة للسلطة الوطنية الفلسطينية التي أعلنت نيتها العودة إلى غزة بعد انتهاء الحرب.
وشدد "حمودة"، على أن اللافتة تبرز موقف حماس كقوة رئيسية مستعدة لقيادة أي مفاوضات تتعلق بمستقبل الدولة الفلسطينية.
أما الرسالة التي أرادت حماس توجيهها للإسرائيليين، لفت "الخبيرالسياسي"، إلى أنها تهدف إلى السخرية من نتنياهو وإظهار فشل شعاره "النصر المطلق"، حيث وضعت صورته أسفل المنصة كدلالة على هزيمته السياسية والعسكرية.
وختم "الخبير السياسي"، بالقول إن حماس تسعى من خلال هذه الرموز إلى التأكيد على أنها الطرف الذي فرض قواعد جديدة في المواجهة، وهي القوة التي ستبقى في غزة ولن تخرج منها، بل ستتحكم في مستقبلها بعد الحرب.
والجدير بالذكر أن هذه الرسائل المصاحبة لعملية التبادل الخامسة أثارت موجة غضب عارمة داخل إسرائيل، وسط تصاعد الانتقادات الحادة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لا سيما من قبل عائلات المحتجزين. واتهمت العائلات نتنياهو بتجاهل مصير ذويهم المحتجزين، في الوقت الذي كان يقضي فيه إجازة برفقة زوجته وابنه يائير في أحد الفنادق الترفيهية بالولايات المتحدة، وذلك في ظل الضبابية التي تحيط بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
