بعد رفض "ماكرون".. هل تتبنى أوروبا "موقفاً صلباً" لمواجهة خطة ترامب بشأن غزة؟

ماكرون وترامب
ماكرون وترامب

يرى خبراء فرنسيون أن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الرافضة لتهجير سكان غزة، قد تؤدي إلى دفع أوروبا نحو موقف أكثر صلابة تجاه السياسات الإسرائيلية في المنطقة.

خطة ترامب للسيطرة على غزة

وجاء ذلك بعد أن رفض "ماكرون"، خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تتضمن السيطرة على قطاع غزة وتهجير سكانه، مؤكدًا أنها ليست مجرد مشروع عقاري، بل هي "عملية سياسية"، كما شدد على ضرورة "احترام" الفلسطينيين وجيرانهم العرب.

وفي هذا الإطار، يرجح الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS)، بيير لافاليت، أن "تصريحات ماكرون ليست مجرد موقف دبلوماسي عابر، بل تعكس تحولًا ناشئًا في أوروبا يسعى للابتعاد عن النهج الأميركي التقليدي، لاسيما في ظل التوترات المتزايدة بين باريس وتل أبيب".

رفض دولي لخطة ترامب

وأردف "لافاليت"، أن "هذا التوجه قد يمنح فرنسا دورًا قياديًا في تحديد سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية"، لافتًا إلى أن "المواقف الفرنسية الحالية تعبّر عن رفض واضح لأي مخطط يهدف إلى تهجير سكان غزة أو السيطرة على القطاع، وهو ما يتماشى مع ردود فعل دولية أخرى ترفض خطة ترامب".

كما لفت "لافاليت"، إلى موقف الصين التي أعربت عن رفضها للتهجير القسري لسكان غزة، مشددة على "ضرورة العودة إلى المسار السياسي القائم على حل الدولتين".

وعلى الرغم من ذلك، يعتقد "لافاليت"، أنه "لا توجد حتى الآن مؤشرات قوية على تبني الاتحاد الأوروبي موقفًا موحدًا بشأن هذه القضية"، مشيرًا إلى أن "تباين المصالح السياسية الداخلية لكل دولة أوروبية قد يعيق الوصول إلى إجماع أوروبي".

تحفيز الاتحاد الأوروبي

وتابع "لافاليت"، أن تصريحات ماكرون قد تكون خطوة لتحفيز نقاش داخل الاتحاد الأوروبي حول تبني موقف أكثر تنسيقًا تجاه قضايا الشرق الأوسط، وخصوصًا في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

وبدوره، يتوقع كريستوف بوفييه، المحلل السياسي في مؤسسة مونتين البحثية، أن رفض ماكرون لخطة ترامب يتماشى مع سعي باريس للحفاظ على الاستقرار الإقليمي، إلا أن نجاح هذا التوجه يعتمد على مدى تجاوب العواصم الأوروبية الأخرى معه.

وأشار "بوفييه"، إلى أن ألمانيا وإسبانيا قد تنضمان إلى الموقف الفرنسي، في حين قد تتردد دول أخرى مثل بولندا وإيطاليا خشية الدخول في مواجهة دبلوماسية مع واشنطن.

خطاب أوروبي مناهض لإسرائيل

والجدير بالإشارة أنه بالرغم من أن موقف ماكرون يعزز الخطاب الأوروبي الرافض لبعض السياسات الإسرائيلية، إلا أن توحيد الموقف الأوروبي يتطلب إجماعًا بين الدول الأعضاء في الاتحاد، وهو أمر لا يزال غير محسوم.

ويتنبأ "محللون"، أن الضغط الدبلوماسي الفرنسي قد يمثل نقطة تحول في هذا الملف، إذ تسعى باريس إلى إعادة صياغة الموقف الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية.

وفي السياق ذاته، شدد "ماكرون"، على أن لبنان وجد نفسه في مواجهة مع إسرائيل "رغمًا عنه"، مؤكدًا أهمية العمل على إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

من جهته، يرى "بوفييه"، أن تصريحات ماكرون، التي ترفض خطة ترامب وتؤكد على ضرورة حل الدولتين، تضع الأساس لموقف أوروبي أكثر صلابة، لكنه أشار إلى أن تحقيق ذلك يتطلب جهودًا دبلوماسية مكثفة وتوافقًا بين العواصم الأوروبية.

علاوة على الموقف الفرنسي، أعلنت جهات دولية أخرى عن رفضها خطة ترامب بخصوص غزة،  فقد أكد الاتحاد الأوروبي أن القطاع يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية، مجددًا التزامه بحل الدولتين كسبيل لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

تحفظ أوروبي وحذر دبلوماسي

إلا أنه بالرغم من هذه المواقف، كان رد الفعل الأوروبي محدودًا، حيث اقتصر الاتحاد الأوروبي على إصدار بيان يعيد فيه التأكيد على دعمه لحل الدولتين، دون أن يتخذ موقفًا صارمًا ضد خطة ترامب أو يشير إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

ويعكس هذا النهج تحفظًا أوروبيًا نابعًا من المخاوف بشأن التداعيات الدبلوماسية والاقتصادية لأي تصعيد مع الولايات المتحدة.

ورغم هذا الحذر، رفضت دول أوروبية كبرى، مثل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، خطة ترامب، مشددة على ضرورة احترام القانون الدولي وضمان حقوق الفلسطينيين.

والجدير بالذكر أن الأمم المتحدة حذرت من أن أي محاولة لتهجير سكان غزة قسرًا قد تُعتبر "تطهيرًا عرقيًا"، مشددة على أن القطاع جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية.

إرم نيوز