تحذيرات إسرائيلية من مخطط حكومة الاحتلال لإجهاض مفاوضات المرحلتين الثانية والثالثة

مفاوضات وقف إطلاق النار
مفاوضات وقف إطلاق النار

أعربت أوساط سياسية وعسكرية إسرائيلية عن قلقها المتزايد بشأن التوجه الحالي للحكومة فيما يتعلق بتنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع التخطيط لإجهاض المرحلتين الثانية والثالثة، اللتين يفترض أن تستكملا الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين، وإنهاء العمليات العسكرية في القطاع.

مخطط الحكومة الإسرائيلية 

ووفقًا لصحيفة "الشرق الأوسط"، فإن المناقشات الأخيرة داخل الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك اجتماع موسع استمر ثماني ساعات بحضور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين، كشفت عن توجه قوي نحو استئناف العمليات العسكرية في غزة، حيث طلب من الجيش الإسرائيلي تقديم خطة تفصيلية لهذا السيناريو خلال الأيام المقبلة.

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الجيش الإسرائيلي يعتزم إعادة احتلال محور نتساريم ومناطق أخرى داخل قطاع غزة عبر نشر فرقتين إلى ثلاث فرق عسكرية إضافية، بهدف السيطرة الكاملة على القطاع بسرعة. 

اقرأ أيضًا:

ونظرًا لمخاوف الجيش من انتهاك القانون الدولي عبر منع الإمدادات الإنسانية، فهو يخطط لتجميع السكان الفلسطينيين في منطقة محددة يتم تزويدها بالمساعدات، بينما يتم إعلان بقية القطاع "منطقة قتال" لا تسمح فيها بإيصال الإمدادات.

ونقلت الصحيفة عن ضباط عسكريين إسرائيليين قولهم إن استعادة السيطرة الكاملة على القطاع قد تستغرق "أشهرًا قليلة"، فيما سيحتاج "تطهير" القطاع من المقاتلين الفلسطينيين إلى فترة أطول، خصوصًا أن العديد من الأنفاق التابعة لحركة حماس لا تزال قائمة ولم تدمر بعد.

وأضافت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي سيفرض رقابة مشددة على توزيع المواد الغذائية والإمدادات الطبية، كما سيشرف بشكل مباشر على المستشفيات والعيادات داخل القطاع، وهو ما يتطلب عمليًا احتلالًا عسكريًا فعليًا.

محاولة تهجير الفلسطينيين

في ظل هذا السيناريو، سوف تسعى إسرائيل إلى تشجيع الفلسطينيين على مغادرة القطاع، إلا أن الخطة تواجه عوائق كبيرة، إذ لا توجد أي دولة حتى الآن أبدت استعدادها لمناقشة فكرة "الترحيل القسري"، التي يروج لها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين تأكيدهم أن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار لن تنفذ إلا إذا وافقت حركة حماس على الخروج من قطاع غزة بالكامل، وهو أمر ترفضه الحركة رفضًا قاطعًا وأعلنت موقفها هذا علنًا منذ أكثر من عام.

انقسام داخلي إسرائيلي

في المقابل، هناك أصوات أخرى داخل إسرائيل تعبر عن مخاوف من أن استئناف الحرب في غزة قد يكون مدفوعًا بأجندة سياسية حزبية أكثر من كونه ضرورة عسكرية، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية المبكرة. 

وأشارت هذه الأوساط إلى أن الحرب الجديدة قد تؤدي إلى تعميق الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي، خاصة إذا تسببت في تعريض حياة المحتجزين الإسرائيليين للخطر.

وترى بعض التحليلات أن فرض حكم عسكري في غزة والقضاء على المقاومة الفلسطينية قد يستغرق سنوات، كما حدث مع القوات الأمريكية في العراق، مما يجعل الحرب خيارًا غير مضمون النتائج على المدى البعيد.

إسرائيل بين غزة وإيران

من ناحية أخرى، أشارت صحيفة "معاريف" إلى أن إسرائيل قد تختار عدم استئناف الحرب في غزة في الوقت الحالي، نظرًا لأن أولوياتها الاستراتيجية لعام 2025 تتركز بشكل أساسي على مواجهة التهديد الإيراني.

وأضافت الصحيفة أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ترى أن هذا العام هو "نافذة الفرص" لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد إيران، خصوصًا في ظل معارضة إسرائيل لأي اتفاق نووي جديد يسعى إليه ترامب. 

وأوضحت أن إسرائيل قد تتبنى نهجًا مشابهًا لما جرى مع حزب الله في الحرب الأخيرة، حيث يتم توجيه ضربات أولية قبل فرض اتفاق وقف إطلاق النار، بدلًا من السير في مسار المفاوضات أولًا.

مخاوف من فقدان الدعم الأمريكي

بحسب مسؤول أمريكي مقرب من مستشاري ترامب، فإن المخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين قد لا يحقق النجاح المتوقع، حيث يقدر أن حوالي 200 ألف فلسطيني فقط قد يغادرون القطاع، وهو رقم ضئيل مقارنة بالطموحات الإسرائيلية. 

كما أشار مسؤول أمني إسرائيلي إلى أن هؤلاء الـ200 ألف هم النخبة التي يمكن لإسرائيل الاستفادة منها داخل غزة، مما يعني أن التفريط بهم قد يكون خسارة استراتيجية.

في ظل هذه التحديات، تبقى إسرائيل أمام خيارات صعبة، حيث تسعى للحفاظ على دعم ترامب، الذي يتبنى موقفًا متشددًا تجاه الفلسطينيين، لكنه في الوقت ذاته قد يغير موقفه إذا وقع اتفاقًا مع إيران، وهذا السيناريو قد يضع إسرائيل في موقف صعب إذا اضطرت للقبول باتفاق لا يخدم مصالحها بالكامل.

وكالة أنباء الشرق الأوسط