في ظل استمرار المواجهة بين إسرائيل وحركة حماس، يلوح الاحتلال بثلاثة سيناريوهات قد تعيد رسم المشهد السياسي والعسكري في قطاع غزة.
وفقًا لما ذكرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية، نقلًا عن مسؤول إسرائيلي بارز، فإن المرحلة التي ستلي تبادل الأسرى ستشكل نقطة تحول جوهرية، حيث تواجه حماس ثلاثة خيارات رئيسية، إما الموافقة على نزع سلاحها والخروج من الحكم، أو مواصلة الإفراج عن الرهائن مقابل هدنة مؤقتة، أو العودة إلى مواجهة عسكرية مفتوحة.
خيارات إسرائيل وضغوط التفاوض
وفي هذا الإطار، كشف الباحث السياسي؛ جهاد حرب، أن تل أبيب تحاول إطالة أمد المرحلة الأولى من المفاوضات لضمان الإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين، مما يقلص نفوذ حماس التفاوضي ويحدّ من قدرتها على استخدام ملف الأسرى كورقة ضغط رئيسية.
وأردف "حرب": "رغم مرور أكثر من 15 شهرًا من الحرب، إلا أن إسرائيل لم تنجح في فرض شروطها على حماس، ما يجعل التفاوض عبر الوسطاء المصريين والقطريين والأميركيين المسار الوحيد الممكن حاليًا".
كما لفت "حرب"، إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو تواجه تحديات داخلية متزايدة، إذ تسعى واشنطن لدفع تل أبيب نحو تسوية دبلوماسية، في وقت يجد فيه نتنياهو نفسه أمام خيارات محدودة، في ظل تصاعد الضغوط الدولية والتطورات الميدانية.
رؤية إسرائيل والتلويح بالحرب
ومن جهته، أوضح الصحفي المختص في الشأن الإسرائيلي، جاك خوري، أن الخيارات المطروحة على طاولة المفاوضات تعكس تعقيد المشهدين السياسي والعسكري، قائلًا: "نتنياهو يحاول المناورة سياسيًا لفرض شروطه، لكنه يدرك أن نزع سلاح حماس أو إجبار قياداتها على مغادرة غزة ليس واقعيًا، لأن الحركة لن تقبل بأي شروط تمس جوهر وجودها".
وأضاف "خوري"، أن إسرائيل تواصل البحث عن سيناريوهات بديلة لمستقبل القطاع، لافتًا إلى أن زعيم المعارضة، يائير لابيد، اقترح أن تتولى مصر إدارة غزة لفترة انتقالية، وهو ما يعكس غياب رؤية إسرائيلية واضحة لمستقبل ما بعد الحرب.
ضغوط داخلية وتباين في مواقف حماس
وفي المقابل، تواجه حركة حماس انقسامات داخلية بشأن كيفية التعامل مع المرحلة المقبلة، فقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن القيادي موسى أبو مرزوق صرح بأنه لو كان يعلم بحجم الدمار الذي ستتعرض له غزة، لما أيد هجوم السابع من أكتوبر، كما رحب بالتفاوض بشأن مستقبل سلاح الحركة.
إلا أن المتحدث باسم حماس، حازم قاسم، نفى هذه التصريحات، مؤكدًا على أن الحركة لن تتخلى عن سلاحها، معتبرًا أن ما نُسب إلى أبو مرزوق قد تم تحريفه.
السيناريوهات المحتملة
مع اقتراب مهلة الثامن من مارس، تنتظر الأوساط السياسية والعسكرية رد حماس على المطالب الإسرائيلية، حيث لا يزال الخيار العسكري حاضرًا بقوة في ظل تعثر الجهود الدبلوماسية، وبينما يسعى الاحتلال إلى فرض شروطه، فإن تعقيدات الواقع الميداني تجعل أي حسم سريع أمرًا مستبعدًا.
السيناريو الأول: استمرار المفاوضات والتوصل إلى هدنة طويلة
في هذا السياق، قد يتم التوصل إلى اتفاق يضمن وقفًا مؤقتًا للقتال، مقابل إطلاق مزيد من الأسرى الإسرائيليين وتقديم مساعدات إنسانية موسّعة للقطاع.
السيناريو الثاني: تصعيد عسكري إسرائيلي شامل
أما في حال رفض حماس للمطالب الإسرائيلية، فقد تلجأ تل أبيب إلى شن عملية عسكرية واسعة النطاق بهدف إضعاف قدرات الحركة العسكرية إلى أقصى حدّ ممكن.
السيناريو الثالث: حل سياسي طويل الأمد
وعلى الرغم من صعوبة تحقيق السيناريو الثالث، إلا أن بعض الأطراف الدولية ترى أن الحل الأكثر استدامة يتمثل في إعادة بناء السلطة الفلسطينية في غزة، بما يسمح بدمج القطاع في مسار سياسي أوسع.
والجدير بالذكر أن كافة الخيارات مطروحة على الطاولة، لكن يبقى السؤال الأهم، هل ستتمكن الأطراف من تقديم تنازلات متبادلة لتجنب جولة جديدة من التصعيد، أم أن الحل العسكري سيظل الأكثر ترجيحًا في ظل المعادلة الحالية؟ الإجابة ستتحدد خلال الأسابيع المقبلة وفقًا لمسار المفاوضات والتطورات الميدانية.