تعاني "التكيات الخيرية" في قطاع غزة من أزمة غير مسبوقة دفعتها إلى تقليص عملياتها إلى الحد الأدنى، وصولًا إلى وقف توزيع الطرود الغذائية على السكان المتضررين من الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس.
جاء ذلك نتيجة إغلاق إسرائيل لجميع المعابر المؤدية إلى القطاع، ما أدى إلى حرمان أكثر من مليوني شخص من المساعدات الإنسانية والغذائية، التي يعتمدون عليها منذ أكثر من عام ونصف، وسط أوضاع معيشية متردية وتفشي البطالة وانعدام القدرة على شراء السلع الغذائية من الأسواق بسبب منع دخولها.
اقرأ أيضًا:
- المكتب الإعلامي يكشف مؤشرات عودة شبح المجاعة إلى قطاع غزة
- أزمة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة.. معاناة إنسانية تتفاقم تحت وطأة الحرب
نقص حاد في الغذاء
يعيش سكان غزة حالة من الجوع المتزايد، حيث يواجهون صعوبة في تأمين قوت يومهم بعد توقف عمل العديد من التكايا الخيرية التي كانت توفر وجبات الطعام الأساسية للنازحين وسكان المنازل المدمرة.
وأوضح عصمت أبو ريالة، أحد المتضررين، أنه كان يعتمد بشكل أساسي على إحدى التكايا لتوفير الطعام لعائلته، لكن مع إغلاق المعابر، لم يعد يحصل على أي وجبة كافية منذ أيام، وهو ما يعكس معاناة الآلاف من العائلات في القطاع.
فيما أكد محمد الأخرس، المشرف على إحدى التكايا الخيرية في غزة، أن التكية التي يديرها كانت تقدم مئات الوجبات يوميًا لآلاف العائلات، لكن إغلاق المعابر أدى إلى تقليص هذه الكميات بشكل كبير.
وأشار إلى أن المساعدات التي يحصلون عليها من المنظمات الدولية باتت شحيحة للغاية مقارنة بالفترات السابقة، ما جعلهم غير قادرين على تلبية احتياجات جميع المستفيدين.
كما أدى إغلاق بعض التكايا المجاورة إلى زيادة الضغط على التكية التي يشرف عليها، حيث يضطر المئات من السكان إلى العودة لمنازلهم دون الحصول على وجبات الإفطار.
وأضاف الأخرس أن الأزمة تتفاقم في شهر رمضان، حيث تواجه غزة حربًا "بسلاح الجوع"، وسط تحذيرات من تدهور الوضع الإنساني.
انعدام السلع التموينية
فيما أشار المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إلى أن منع دخول المساعدات أدى إلى انهيار الوضع المعيشي والصحي والبيئي، حيث نفدت المواد الغذائية الأساسية، مما تسبب في توقف معظم التكيات الخيرية عن العمل، وحرمان آلاف الأسر من مصدر غذائها الرئيسي.
كما أدى نقص غاز الطهي إلى لجوء العديد من العائلات إلى استخدام الحطب كبديل، في ظل توقعات بمزيد من التدهور الإنساني خلال الأيام المقبلة، مع تصاعد خطر المجاعة وانهيار شبه كامل للقطاع الصحي.
من جانبه، أكد أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية، أن معظم الجمعيات الإنسانية توقفت عن تقديم خدماتها لأكثر من مليوني شخص بسبب إغلاق المعابر، مما يشكل خطرًا كبيرًا على حياة السكان.
وأوضح أن التكايا الخيرية، التي كانت المصدر الأساسي للغذاء، لم تعد قادرة على توفير وجبات الطعام، ما دفع السكان إلى مواجهة أزمة جوع غير مسبوقة.
وأضاف أن استمرار إغلاق المعابر هو بمثابة "حكم بالموت" على الآلاف، وسط مخاوف من تفشي المجاعة نتيجة توقف المخابز وارتفاع أسعار السلع بشكل جنوني.
ومع تزايد التحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة، شدد الشوا على ضرورة تدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل للضغط على إسرائيل من أجل إعادة فتح المعابر والسماح بدخول المساعدات، قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة غير مسبوقة تمتد آثارها إلى مختلف القطاعات وخاصة الصحية والبيئية.