أفادت صحيفة "يديعوت أحرنوت" صباح اليوم الجمعة، بأن العملية العسكرية التي يشنها جيش الاحتلال في قطاع غزة منذ أربعة أيام تجري بوتيرة مدروسة، حيث يسعى الجيش لممارسة ضغوط تدريجية على حركة حماس، ورغم ذلك، لم تبدي الحركة أي استعداد للتراجع أو تقديم تنازلات في المفاوضات، بل تستعد لمواجهة الاحتلال مع الآلاف من عناصرها المسلحين.
سياسة الضغط التدريجي
وذكرت الصحيفة أن جيش الاحتلال، مع دخوله الأسبوع الأول من التصعيد، عزز قواته في القطاع بكتيبتين إضافيتين من لواء "غولاني"، جرى نقلهما من الحدود اللبنانية إلى غزة لتعزيز خطوط الدفاع هناك.
اقرأ أيضًا:
- إطلاق نار مكثف.. إسرائيل تتوغل في بيت لاهيا شمال غزة
- مفاوضات تحت القصف.. ما هي فرص التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة؟
وأشارت إلى أن الجيش لا يزال يتبع سياسة الضغط التدريجي، دون أن يستأنف القتال بشكل واسع، إذ أعيدت الكتيبتان 12 و13 من اللواء إلى الجنوب بعد أكثر من عام من تنفيذ عمليات دفاعية وهجومية على الجبهة اللبنانية.
في الوقت ذاته، تواصل فرقتان عسكريتان تنفيذ مهام دفاعية في مواجهة حماس، بينما يتم تطبيق استراتيجية الضغط المحدود والمتدرج ضد الحركة المسيطرة على القطاع، ومع ذلك، لم تظهر حماس أي مؤشرات على التراجع أو تقديم تنازلات فيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى، حيث وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود.
خطوة ميدانية
وأوضحت الصحيفة أن قوات الاحتلال اتخذت أمس خطوة ميدانية إضافية، حيث قامت بتوسيع المنطقة العازلة في شمال قطاع غزة عبر نشر كتيبتين مشتركتيْن من المشاة والدروع، تحت قيادة اللواء النظامي 188، على مشارف مدينة بيت لاهيا الساحلية، ورغم هذه الخطوة، فإن حجم القوات المنتشرة لا يزال محدودًا، ولم تصنف هذه التحركات على أنها غارة واسعة النطاق.
بالتزامن مع ذلك، تواصل حماس تعزيز استعداداتها العسكرية، حيث تنتشر وحداتها المسلحة، التي تضم عشرات الآلاف من المقاتلين، تحضيرًا لاحتمال اندلاع مواجهة برية مع قوات الاحتلال.
وفي سياق متصل، لم يعلق الجيش الإسرائيلي رسميًا على تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي زعم فيها أن العمليات الموسعة الحالية تجرى بناءً على توصية قادة الجيش.
وتشير الصحيفة إلى أن أسلوب القتال الحالي يعكس جولات التصعيد السابقة التي شهدها القطاع في السنوات التي سبقت 7 أكتوبر، حيث تعمل بعض الكتائب على إعادة التدريب في قواعد بالجنوب تحسبًا لتطورات ميدانية جديدة.
وحتى الآن، يتركز معظم النشاط العسكري في غزة على الضربات الجوية، مقارنة بالليلة الأولى من العملية، إذ انخفضت وتيرة الهجمات الجوية، فخلال اليوم الثالث من التصعيد، نفذت القوات الجوية نحو 30 ضربة جوية، وهو عدد كانت تستطيع تحقيقه خلال نصف ساعة فقط في بداية الحرب، وتستهدف هذه الهجمات شخصيات قيادية وعناصر بارزة في حركة حماس بأسلوب دقيق.
تهديد إسرائيلي
وأضافت الصحيفة أنه في حال شنت حماس هجومًا ضد قوات الاحتلال داخل قطاع غزة، سواء عبر الأنفاق أو غيرها من الوسائل، فإن إسرائيل سترد على الفور بعمليات عسكرية مكثفة، وإذا تم تنفيذ الخطة المقررة، فسيكون الهجوم على البنية التحتية لحماس تدريجيًا، على مراحل متعددة.
في غضون ذلك، يعمل رئيس الأركان الجديد، إيال زامير، على تطوير وتنفيذ خطط القيادة الجنوبية، وخلال مناقشات مغلقة داخل الجيش الإسرائيلي، أبدى القادة قلقهم من انخفاض معدلات استجابة وحدات الاحتياط، لا سيما الوحدات القتالية، مقارنة بالفترة التي شهدت المناورات العسكرية في العام الماضي.
وترجع أسباب هذا التراجع إلى غياب توافق وطني حول تنفيذ عملية برية واسعة، لما قد تسببه من خسائر بشرية كبيرة بين الجنود الإسرائيليين، فضلًا عن تهديد حياة الأسرى المحتجزين لدى حماس، كما تلعب التطورات السياسية الداخلية دورًا في هذه الأزمة، حيث تتزامن العمليات العسكرية مع قرارات حكومية مثيرة للجدل، مثل إقالة رئيس الشاباك رونين بار، بالإضافة إلى الترويج لقانون الإعفاء من الخدمة العسكرية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يخشى التحديات العلنية الناجمة عن هذه التوترات السياسية بقدر ما يقلقه التراجع التدريجي في استعداد قوات الاحتياط، إذ يعاني عشرات الآلاف من الجنود والضباط المستدعين للإحتياط من الإرهاق الشديد نتيجة أشهر طويلة من القتال.
وبدأ البعض منهم يرفض الانضمام إلى الاستدعاءات العسكرية الجديدة، مبررين ذلك بظروف شخصية وأسرية، إلى جانب الضغوط النفسية والمالية التي يواجهونها، وأوضحت الصحيفة أن القيادة العسكرية تتفهم هذه المبررات، حيث باتت وحدات عديدة، بما في ذلك كتائب الاحتياط، تتعامل مع هذه الطلبات بقبول نسبي، في ظل التحديات التي تواجه الجيش على مختلف الجبهات.