يتجه جيش الاحتلال الإسرائيلي نحو تنفيذ ما يُعرف داخليًا باسم "مناورة موسعة" في قطاع غزة، في وقت تشهد فيه المفاوضات المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى حالة من الغموض والتعقيد، ما يفتح الباب أمام تصعيد ميداني محتمل في أي لحظة.
اقرأ أيضًا:
- ثغرة أمنية جديدة: نفق غير مكتشف يُفجر مواجهة دامية شمال قطاع غزة
- أبرز ما جاء في تصريحات نتنياهو: لن نخضع لإملاءات حماس
وتعد هذه المناورة جزءًا من استراتيجية عسكرية جديدة تهدف إلى فرض واقع ميداني أكثر ضغطًا على حركة حماس.
تفاصيل الخطة الإسرائيلية
وبحسب ما أفاد به موقع "واللا" العبري، فإن الخطة الإسرائيلية المرتقبة تتجاوز العمليات السابقة من حيث الحجم والتأثير، حيث يرجح أن تؤدي إلى تقسيم مدينة غزة إلى جزئين منفصلين، في حين تتوقع التقديرات العسكرية أن تخسر حركة حماس سيطرتها على أكثر من نصف المناطق التي تهيمن عليها داخل القطاع، ما يعد ضربة قاسية لبنيتها التنظيمية والسياسية.
وتسعى إسرائيل من خلال هذه العملية إلى إحداث تغييرات جوهرية على أرض الواقع، ليس فقط عسكريًا، بل أيضًا إنسانيًا وسياسيًا، إذ تتضمن الخطة إدخال شركات مدنية أميركية إلى القطاع لتولي مهام توزيع المساعدات الغذائية بشكل مباشر للسكان، بهدف تقويض سيطرة حماس على الحياة المدنية اليومية وإضعاف نفوذها الإداري، ضمن ما يمكن اعتباره محاولة لتجريد الحركة من أدوات الحكم والسيطرة.
وتتطلب هذه "المناورة الكبرى"، كما توصف داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، حشدًا عسكريًا واسع النطاق، بما يشمل تعبئة كبيرة لقوات الاحتياط وتحريك وحدات عسكرية نظامية من مواقع انتشارها الحالية في جبهات أخرى مثل الحدود اللبنانية والسورية وكذلك الضفة الغربية، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية للعملية المرتقبة.
هجمات متواصلة
وعلى الأرض، يواصل جيش الاحتلال تنفيذ هجمات متواصلة في مختلف مناطق القطاع، تشمل شماله وجنوبه ووسطه، مستخدمًا في ذلك سلاح الجو والزوارق الحربية في قصف الأهداف، في محاولة لفرض حصار ناري شامل.
وقد أظهرت المعطيات العسكرية أن الاحتلال تمكن حتى اللحظة من السيطرة على نحو 40% من مساحة قطاع غزة، بعد تنفيذ ما يقرب من 1300 غارة جوية أدت إلى استشهاد أكثر من 400 مقاتل فلسطيني.
وتظهر التطورات الميدانية أن جيش الاحتلال بات يفرض سيطرته على الحدود الشمالية لقطاع غزة، خاصة عند "محور موراج"، كما تمكن من التوغل داخل مدينة رفح وعدد من المناطق التي لم تكن القوات الإسرائيلية قد وصلت إليها منذ بداية الحرب، مثل حي التفاح شرق غزة، في مؤشر على التوسع التدريجي للعملية البرية.
وبحسب ما أورده التقرير العبري، تنفذ قوات الاحتلال عمليات ميدانية تتسم بكثافة شديدة وتدمير ممنهج للبنية التحتية، حيث تم استهداف عدد كبير من المباني والمنشآت.
الدعم الأمريكي
وقد أتاح الدعم الأميركي، خاصة في تنفيذ الضربات الجوية، لجيش الاحتلال توسيع عملياته التدميرية على نطاق أوسع، وسط استمرار الجهود لإضعاف قدرة حماس اللوجستية والعسكرية.
ويشير الجنود الإسرائيليون المشاركون في العمليات إلى أنهم نادرًا ما يواجهون مقاومين بشكل مباشر، حيث تعتمد كتائب القسام تكتيكًا قتاليًا مرنًا يقوم على الانسحاب السريع بعد تنفيذ الهجمات، ما يجعل القوات الإسرائيلية تواجه فراغًا ميدانيًا يصعّب من قدرتها على حسم المعركة بطريقة تقليدية.
وتعمل حماس على تثبيت قناعة لدى قوات الاحتلال بأن وجودها في الميدان ليس دائمًا، وأنها لا تخوض مواجهة مفتوحة، بل تعتمد أسلوب الكرّ والفرّ والاستنزاف.
وترى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن تصعيد الضغط الميداني العسكري هو بمثابة ورقة ضغط مباشرة على حركة حماس، تهدف بالدرجة الأولى إلى دفع قيادتها نحو العودة إلى طاولة المفاوضات، وخاصة في ما يتعلق بملف الأسرى، الذي يمثل أولوية قصوى لدى الحكومة الإسرائيلية والرأي العام الداخلي.