شهد الاجتماع الأخير للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، الذي عقد مساء الثلاثاء، أجواءً مشحونة بالتوتر والصدام الحاد، خاصة بين عدد من الوزراء ورئيس الأركان الجديد، إيال زامير، الذي رفض بشكل صريح أن يتولى الجيش الإسرائيلي مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية داخل قطاع غزة، ما أثار موجة من الغضب في أوساط الوزراء المنتمين للتيار اليميني المتشدد.
ووفقًا لما نقلته وسائل إعلام عبرية، تمسك زامير بموقفه الرافض لتحميل المؤسسة العسكرية هذه المهمة، موضحًا أن مسؤولية إيصال المساعدات يجب أن تكون مدنية بحتة، وأن توزيعها ينبغي أن يتم بشكل مباشر إلى السكان دون أي تدخل عسكري.
اقرأ أيضًا:
- يتضمن 5 بنود.. تفاصيل مقترح حماس الأخير لوقف إطلاق النار
- حشد عسكري مصري في سيناء يثير الرعب في إسرائيل.. ماذا يحدث على الحدود؟
ذروة الخلاف
هذا الموقف اعتبر من قبل بعض الوزراء تحديًا مباشراً لسياسات الحكومة، وخصوصًا لأولئك الذين يسعون لاستخدام أدوات الجيش في فرض أجنداتهم داخل القطاع.
وبلغ الخلاف ذروته عندما انفجر وزير المالية اليميني المتشدد، بتسلئيل سموتريتش، مهاجمًا زامير بنبرة حادة، قائلاً: "أنت لا تملك حق اختيار المهام التي تنفذها، ومن لا يستطيع تنفيذ الأوامر، يجب أن يتم استبداله فورًا".
ورد رئيس الأركان على هذا الهجوم بصوت واضح وحازم، مؤكدًا رفضه لما جاء على لسان الوزير، رافضًا منطق فرض المهام على الجيش خارج نطاق اختصاصه العملياتي.
وأمام التصعيد المتسارع في حدة النقاش، تدخل بعض الوزراء محاولين تهدئة الأجواء، وطلبوا من سموتريتش التوقف عن الصراخ وتخفيف لهجته تجاه رئيس الأركان، في محاولة لاحتواء الأزمة داخل الجلسة المغلقة.
تحذير أمني
وتزامن هذا الجدل مع مداخلة من وزير الأمن، يسرائيل كاتس، الذي حذر من أن إسرائيل قد تجد نفسها مضطرة خلال عشرة إلى خمسة عشر يومًا إلى إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة.
وعقب زامير على ذلك بأن الجيش لن يكون الجهة التي تتولى تنفيذ هذه المهمة، مؤكدًا أن الأمر لا يدخل ضمن وظائف المؤسسة العسكرية.
في المقابل، صعّد سموتريتش من لهجته مرة أخرى موجهًا حديثه لزامير قائلاً: "الجيش لا يختار ما ينفّذ من مهام. نحن، كقيادة سياسية، نقرر ما يجب عليكم فعله، وأنتم تنفذون. إذا لم تكن قادرًا على ذلك، فسنحضر من يستطيع، وإذا لم تكن تعرف كيف، سنجد من يعرف. نحن قررنا عدم إدخال مساعدات تصل إلى حماس، ولا يهمني الوسائل، وإذا لم تكن قادرًا على تحقيق هذا، فلتعترف بعجزك وأبلغ المستوى السياسي أنك لا تعرف".
ونقل موقع "واينت" العبري عن عدد من الوزراء الذين حضروا الاجتماع أن نبرة سموتريتش تجاه رئيس الأركان كانت "شديدة التوتر"، ووصف أحدهم الموقف بأنه "انفجار فعلي"، إذ قال له بشكل مباشر: "لن نسمح لك بالوقوف هنا لتقول إنك لن تنفذ. هذا غير مقبول. نحن فقط من يحدد المهام".
توسيع العمليات العسكرية
كما شهد الاجتماع دعوات متكررة من جانب الوزراء سموتريتش وستروك وإيلي كوهين لتوسيع العمليات العسكرية داخل قطاع غزة، إلا أن المؤسسة العسكرية أوصت بالتروي وإعطاء فرصة لجهود التوصل إلى صفقة تبادل أسرى محتملة مع حركة حماس، قبل الانخراط في موجة تصعيد جديدة قد تعقد المشهد الأمني والإنساني.
من جانب آخر، أفادت القناة 12 العبرية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اختتم الاجتماع دون التوصل إلى قرارات حاسمة، معلنًا عقد جلسة جديدة للكابينت يوم الخميس المقبل لاتخاذ موقف واضح بشأن كيفية التعامل مع الملف الإنساني في غزة، والانقسام الداخلي المتصاعد حوله.
وفي سياق الجلسة نفسها، حدثت مشادة جانبية بين رئيس الشاباك، رونين بار، ووزير المالية، حيث أعرب سموتريتش عن انزعاجه من ملاحظات بار، وغادر الاجتماع بذريعة التوجه إلى دورة المياه، في خطوة فهمت على أنها استعراض لرفضه التام لمداخلات رئيس الشاباك.
وسبق لسموتريتش أن قال صراحةً إنه سيقاطع بار كلما تحدث، إما بالخروج لشرب القهوة أو بدعوى الذهاب إلى الحمام.
وفي لحظة لاحقة، عندما حاول بار التحدث مجددًا، قاطعه سموتريتش بلهجة استهزائية قائلاً: "هل لا يوجد ترتيب للحديث هنا؟ يمكنه أن يتكلم بعد ثلاث دقائق تحت إشراف المحكمة العليا"، ثم أضاف متهكمًا: "لسنا بحاجة لسماع كل رأي من كل جهة أمنية، لقد سمعنا رأي رئيس الأركان، وهذا يكفي".
وفي تصريح رسمي أدلى به صباح الأربعاء، شدد سموتريتش على رفضه التام لأي إدخال للمساعدات إلى قطاع غزة قد تصل في نهاية المطاف إلى أيدي حركة حماس، محمّلًا رئيس الحكومة نتنياهو المسؤولية الكاملة عن ضرورة إطلاق "معركة القضاء على حماس"، والدعوة إلى احتلال القطاع وفرض حكم عسكري إسرائيلي مباشر عليه.