شدد جنرالان إسرائيليان متقاعدان، اليوم الأحد، على أن الجيش الإسرائيلي عاجز عن تنفيذ سياسة الحكومة في قطاع غزة، لافتين إلى أن رئيس الأركان إيال زامير وقع في مصيدة نصبها لنفسه حين أعلن في بداية ولايته عزمه على هزيمة حماس وإقامة حكم عسكري بديل.
تصريح غير واقعي ومخاطرة مبكرة
وفي هذا الإطار، يرى الجنرال المتقاعد يتسحاق بريك، في مقال نشرته صحيفة "معاريف"، أن زامير كان عليه أن يبلغ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يسرائيل كاتس، والكابينيت السياسي-الأمني منذ البداية بأن الجيش بحاجة إلى ترميم فوري، وأنه في وضعه الحالي غير قادر على هزيمة حماس أو إقامة حكم عسكري في القطاع، مثلما فشل بذلك خلال السنة والنصف الأخيرة.
وشدد "بريك"، على أن زامير اختار إطلاق تصريحات يعلم مسبقاً بعدم قدرته على تنفيذها ليظهر بمظهر القائد الهجومي.
الجيش يتراجع والاحتياط مفقود
كما أشار "بريك"، إلى أنه كان ينبغي تعزيز سلاح البرية بعدة فرق عسكرية لتنفيذ تعهدات زامير، إلا أن الجيش خفّض سلاح البرية حتى أصبح حجمه حالياً ثلث ما كان عليه قبل عشرين عاماً، مما يجعله عاجزاً عن التمسك بالمناطق المحتلة لعدم توفر وحدات احتياط قادرة على استبدال القوات.
وأردف "بريك"، أن الجيش اضطر لاعتماد أسلوب التوغلات بسبب عدم القدرة على استدعاء الجنود إلى ما لا نهاية، مشيرًا إلى أن هذا الأسلوب لا يحقق نصراً لأن حماس تعاود الانتشار فور انسحاب القوات.
فشل في تدمير الأنفاق
وأوضح "بريك"، سبب فشل الجيش الإسرائيلي في تدمير الأنفاق، لافتًا إلى أن جميع خطط تطوير وسائل تفجير مئات الكيلومترات من الأنفاق توقفت، ولم يتم إنشاء وحدات متخصصة أو توفير احتياطي ألغام كافٍ، مما أدى إلى تدمير أقل من 10% من شبكة الأنفاق خلال السنة والنصف الماضية.
وشدد "بريك"، على أن آلاف مقاتلي حماس يتحصنون في مدينة الأنفاق، ويشنون حرب عصابات ضد القوات الإسرائيلية.
الكابينيت أمام الحقيقة
وناشد "بريك"، رئيس الأركان إلى مصارحة الكابينيت بالحقيقة والمطالبة بالعمل على تحرير المخطوفين عبر اتفاق المرحلة الثانية، الذي وقعه نتنياهو ثم خرقه.
وحذر "بريك"، من أنه في حال قررت الحكومة تجنيد مئات الآلاف من عناصر الاحتياط مجدداً، فإن نسبة كبيرة منهم قد لا تلبّي النداء، مشددًا على أنه لا توجد حلول سحرية لتحقيق نصر بعد الفشل الممتد لعام ونصف.
حرب بلا أفق وفوضى داخلية
من جهته، اعتبر الجنرال المتقاعد يسرائيل زيف، في تصريحات لموقع القناة 12، أن الحكومة الإسرائيلية تستغل الحرب كملاذ سياسي رغم انتهائها فعلياً.
وأكد "زيف"، أن القتال اقتصر حالياً على الجبهة السياسية الداخلية، فيما لا توجد حرب فعلية في سوريا أو لبنان أو ضد إيران والحوثيين، لافتًا إلى أن الوضع في غزة تحول إلى حرب عصابات بعد إضعاف حماس.
المصيدة السياسية والعسكرية
كما شدد "زيف"، على أن إسرائيل وقعت في مصيدة استراتيجية، إذ أن توسيع العمليات العسكرية لا يجلب فائدة بل يزيد الخسائر، ويرفع نسبة استهداف القوات، فيما تتسع المسؤولية الإسرائيلية عن السكان المدنيين في غزة.
ووجه "زيف"، انتقاد للفوضى السياسية والعسكرية التي يعاني منها الجيش، مؤكداً أنه بلا أهداف واضحة في حرب "أبواب جهنم"، وأن استعادة المخطوفين باتت شبه مستحيلة بدون قرار سياسي حاسم يتهرب منه نتنياهو.
صورة إسرائيل تتدهور دولياً
ولفت "زيف"، إلى أن تكثيف القصف دون الحرص على تقليل الضحايا المدنيين أضر بصورة إسرائيل عالمياً. وأوضح أن رئيس الأركان بدأ يدرك تعقيدات الواقع ومحدودية القوة العسكرية، لكنه عالق مع الجيش في مصيدة، في ظل تخلي الوزراء عنه، وعدم تلقيه أي دعم من رئيس الحكومة الذي يطيل أمد الحرب لأسباب سياسية بحتة.
خسائر إقليمية فادحة
واستطرد "زيف"، أن حرب غزة دمّرت مكانة إسرائيل الإقليمية، حيث فقدت تأثيرها في سوريا لصالح تركيا، وانتقل لبنان إلى رعاية أميركية، فيما باتت إسرائيل خارج مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، والأسوأ أن الدول الموقعة على اتفاقيات إبراهام تنظر الآن إلى إسرائيل كعبء وعائق، ولا ترغب في التواصل معها، ولا سيما مع نتنياهو، الذي لم يتلق أي دعوة لزيارة هذه الدول منذ اندلاع الحرب.