توافق في العلن وخلافات في العمق.. تصدعات خفية في العلاقة بين نتنياهو وترامب

ترامب ونتنياهو
ترامب ونتنياهو

كشف تقرير صحفي حديث عن وجود حالة من التوتر المتصاعد والقلق غير المعلن داخل أروقة القيادة الإسرائيلية، وتحديدًا لدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تجاه سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الشرق الأوسط رغم ما يبدو ظاهريًا من توافق وثيق بين الجانبين.

ووفقًا لما أوردته صحيفة إسرائيل اليوم، المقربة من نتنياهو، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي عبر في جلسات مغلقة أمام مساعديه عن "إحباطه المتزايد" من الأداء العملي للإدارة الأميركية في قضايا إقليمية حساسة، رغم الإشارات الإيجابية التي يسمعها خلال الاجتماعات الثنائية مع ترامب خاصةً فيما يتعلق بالملف الإيراني والوضع في سوريا.

تناقض واضح

أفاد التقرير أن نتنياهو لاحظ تناقضًا واضحًا بين مواقف ترامب المعلنة وتصرفاته الميدانية، إذ عبر الرئيس الأميركي أمام المسؤولين الإسرائيليين عن دعم مطلق لمواقف تل أبيب، لاسيما في مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة، إلا أن سياساته على أرض الواقع – وفق وصف نتنياهو – لا تعكس هذا الدعم فعليًا. 

اقرأ أيضًا:

وتحديدًا، أبدى نتنياهو قلقه من تقارب ترامب مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يسعى لتعزيز نفوذه في شمال سوريا، وهو ما تراه إسرائيل تهديدًا لمصالحها الاستراتيجية هناك، رغم أن ترامب يمنح إسرائيل حرية التحرك العسكري في الساحة السورية.

أردوغان.. نقطة خلاف حساسة

ووفق ما نشرته الصحيفة، ازدادت شكوك نتنياهو عقب اللقاء الذي جمع ترامب بأردوغان في البيت الأبيض خلال أبريل الماضي، حيث أبدى الرئيس الأميركي إعجابًا كبيرًا بنظيره التركي، بالرغم من التصريحات العدائية التي أطلقها الأخير ضد إسرائيل في مناسبات عدة، أبرزها خلال شهر رمضان، حين دعا الله أن ينزل "الدمار والخراب" على إسرائيل والصهيونية في تصريح أثار غضبًا واسعًا داخل إسرائيل.

الملف النووي الإيراني

ومن النقاط التي تثير قلق نتنياهو بشكل خاص، بحسب التقرير، إعلان ترامب استعداده للانخراط في محادثات جديدة مع إيران حول برنامجها النووي، في خطوة اعتبرتها تل أبيب تراجعًا خطيرًا عن سياسة الضغط القصوى التي اتبعها ترامب سابقًا. 

وترى القيادة الإسرائيلية أن هذه المحادثات قد تتضمن تنازلات مجانية من واشنطن، دون الحصول على ضمانات قوية تمنع طهران من استئناف نشاطها النووي.

وتعزز هذا التخوف بعد أن كشفت وكالة رويترز عن تفاصيل الاتفاق النووي الجديد الجاري التفاوض حوله، والذي لا يختلف جوهريًا – وفق مصادرها – عن الاتفاق الموقع في عام 2015، والذي انسحب منه ترامب عام 2018 بعدما وصفه بـ"الكارثة"، الأمر الذي يثير الشكوك الإسرائيلية حول مصداقية الموقف الأميركي تجاه التهديد الإيراني.

إقالة والتز

وفي سياق متصل، أضافت صحيفة إسرائيل اليوم أن نتنياهو يشعر بقلق عميق من إقالة مستشار الأمن القومي الأميركي السابق مايك والتز، المعروف بموقفه المتشدد تجاه طهران وتنسيقه الوثيق مع الحكومة الإسرائيلية بشأن الخيارات العسكرية للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني.

وبحسب ما نقلته صحيفة واشنطن بوست، فإن ترامب استاء من تواصل والتز مع نتنياهو بشأن هذه الخيارات دون العودة إلى البيت الأبيض، ما أسهم بشكل مباشر في اتخاذ قرار الإقالة.

وتعد هذه الخطوة، بحسب مراقبين إسرائيليين، مؤشرًا إضافيًا على رغبة ترامب في تخفيف التصعيد مع إيران، على عكس ما تأمله إسرائيل.

موقف رسمي حذر

ورغم ما نشرته وسائل الإعلام، لم يصدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أي نفي مباشر لهذه التقارير، واكتفى بتأكيد أن نتنياهو وترامب اتفقا خلال مكالمتهما الأخيرة على أن الهدف الاستراتيجي المشترك هو منع إيران من امتلاك سلاح نووي. 

ومع ذلك، تتزايد المؤشرات التي تؤكد وجود تباين فعلي بين الطرفين حول قضايا جوهرية، أبرزها مسألة توجيه ضربة عسكرية لإيران، وملف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وكان ترامب قد صرح علنًا في الشهر الماضي، عقب مكالمة هاتفية مع نتنياهو، بأن العلاقات بينهما ممتازة وأنهما متفقان على كل القضايا، غير أن سلسلة التقارير والتسريبات الأخيرة تكشف عن واقع أكثر تعقيدًا، تتخلله خلافات استراتيجية تتوارى خلف الخطاب الدبلوماسي المنمق، ما يلقي بظلال من الشك على عمق التفاهم الحقيقي بين واشنطن وتل أبيب في ظل التحديات المتفاقمة في الشرق الأوسط.

سكاي نيوز