صفوف الإذلال القسري: الفلسطينيون يرفضون هذه الخطة لتوزيع المساعدات ويطالبون بهذا الأمر

توزيع المساعدات الإنسانية
توزيع المساعدات الإنسانية

تتصاعد موجات الغضب في أوساط الفلسطينيين بعد تسريب تفاصيل خطة أمريكية–إسرائيلية مشتركة، تهدف إلى إعادة تنظيم توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة عبر آلية يعتبرها السكان المحليون محاولة ممنهجة لـ"إذلال جماعي"، تدار ميدانيًا من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي وتربط الاحتياجات الإنسانية الأساسية بأجندات أمنية وعسكرية صارخة.

وتقضي الخطة، كما تم تداولها في عدد من التقارير، بالسماح بدخول 60 شاحنة مساعدات فقط يوميًا إلى القطاع تنقل محتوياتها إلى مراكز توزيع محصنة تقع جنوب غزة، وهذه المراكز ستخضع لحراسة خارجية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينما تتولى شركات أمنية أمريكية بالتعاون مع مؤسسات دولية تابعة للأمم المتحدة، مهمة الإشراف على توزيع المساعدات داخلها، وتخضع جميع الشحنات لعمليات تفتيش مشددة وفقًا للمعايير الأمنية التي يفرضها الاحتلال.

اقرأ أيضًا:

بحسب المخطط، يطلب من كل فلسطيني التوجه مرة واحدة في الأسبوع إلى هذه المراكز للحصول على سلة غذائية بالكاد تكفيه لأيام محدودة، ويتم ذلك عبر طوابير طويلة ومهينة وصفها ناشطون ومواطنون بـ"صفوف الإذلال القسري" المفروضة على شعب يعيش تحت وطأة الحصار والدمار.

رفض قاطع

عبر خميس الدريملي، طالب جامعي يبلغ من العمر 22 عامًا، عن رفضه القاطع لهذا المخطط، قائلًا: "لا يمكنني تقبل فكرة أن يتولى الاحتلال توزيع الطعام على أهلنا، نحن نعلم جيدًا أن الاحتلال لا يقوم بأي خطوة بدافع إنساني خالص، كل شيء عنده خاضع لحسابات أمنية ومصالح سياسية، وهذه المساعدات تحولت إلى أداة تطويع يراد منها ترويضنا نفسيًا ودفعنا إلى تقبل الاحتلال كجزء من واقعنا اليومي".

وأضاف: "أنا كطالب لا أبحث فقط عن الطعام بل أبحث عن الكرامة والحرية، نحن لا نطلب صدقة بل نطالب بحق إنساني، من يصور هذه الخطة على أنها عمل خيري يضلل الناس لأننا نرى ما يحدث فعلًا، يتم تصوير الناس أثناء استلامهم المساعدات ثم يختفى بعضهم بعد مرورهم من نقاط التوزيع".

وحذر الدريملي مما وصفه بـ"التسلل النفسي" لهذه الخطة، وقال: "إذا قبلنا اليوم أن تدار مساعداتنا من الاحتلال، فسوف نصحو غدًا لنكتشف أن دواءنا وغذاءنا وحتى تعليمنا لا يصرف إلا بإذن منه، علينا أن نتحرك قبل أن يتحول هذا الواقع المفروض إلى أمر لا يمكن تغييره".

كسر الارادة 

أما أم محمود زقوت، وهي سيدة نازحة من شرق خان يونس تقيم حاليًا في مخيم النصيرات، فقد روت قصتها بحزن وغضب: "فقدت اثنين من أبنائي في غارة إسرائيلية، ولم يتبقى لي شيء أخشاه سوى كرامتي، أرفض أن أقف في طابور تديره قوات قتلت أولادي ودمرت منزلي، ثم تريد أن تطعمني تحت عدسات الكاميرات وبنادق الجنود، هذه ليست مساعدات هذا فخ نفسي هدفه كسر إرادتنا".

وأضافت: "أنا وأبنائي جائعون، نعم، لكننا نصبر على الجوع ولا نسلم كرامتنا، نريد مساعدات من مؤسسات محايدة، من أيادي نظيفة، لا من الجهة التي ما زالت تقصفنا، من يقبل بذلك، يقبل بأن يعيش مكسورًا".

واختتمت أم محمود حديثها قائلة: "العيش بلا كرامة هو موت بطيء، اخترنا أن نحيا أحرارًا حتى في الجوع، لا أن نعيش عبيدًا لشاحنة مساعدات تمر من تحت علم الاحتلال".

عملية خبيثة

ومن جانبه، اعتبر خليل مطر، أحد وجهاء وأعيان مخيم الشاطئ للاجئين، أن ما يجري هو "عملية خبيثة لإعادة هندسة العقل الفلسطيني"، مشيرًا إلى أن ما يروج له على أنه مساعدات إنسانية ليس سوى خطة أمريكية–إسرائيلية لترويض الشعب وخلخلة قناعاته الوطنية والإنسانية.

وقال مطر: "الاحتلال لا يوزع الغذاء بل يوزع الذل، يريدنا أن ننحني لجنوده مقابل كيس طحين، وأن نبدو على الكاميرات كمن يسجد أمام جلاده".

وأكد أن هذه الخطة تهدف إلى كسر الوحدة الاجتماعية للمجتمع الغزي وتحويل الناس إلى أفراد يتسابقون على الفتات، بدلًا من أن يكونوا مجتمعًا متماسكًا يمارس التكافل والصمود، وتابع: "يريدون تفتيتنا، جعلنا نركض فرادى، لا كجماعة صامدة، لكننا نقول: لا لمعسكرات الإذلال، لا لإدارة المساعدات عبر الاحتلال".

واختتم مطر حديثه بمناشدة للمؤسسات الدولية ووجهاء العائلات في غزة: "أوقفوا هذه الخطة قبل أن تتحول إلى واقع لا يمكن تغييره، المساعدات يجب أن تدار عبر لجان شعبية ومؤسسات محلية موثوقة، لا عبر يد من قتلنا بالأمس ويأتي اليوم ليطعمنا أمام الكاميرات".

فلسطين أون لاين