اعترافات سرية: ضباط إسرائيليون يحذرون حكومتهم من كارثة في غزة 

مجاعة في غزة
مجاعة في غزة

في تحول لافت وصادم في آن واحد، كشف تقرير حديث نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن عدداً من الضباط العسكريين الإسرائيليين أقروا، في تقارير سرية، بأن قطاع غزة يقف بالفعل على شفا مجاعة كارثية قد تجتاح أجزاء واسعة من القطاع خلال أسابيع، ما لم يعاد فتح خطوط إمداد المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وسريع.

اعتراف داخلي يناقض الرواية الرسمية

لفترة طويلة، دأبت الحكومة الإسرائيلية على التأكيد أن حصارها المتواصل على غزة لا يشكل خطراً مباشراً على حياة المدنيين، على الرغم من التحذيرات المستمرة التي صدرت عن الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية، والتي تحدثت مراراً عن أن شبح المجاعة يخيّم على سكان القطاع.

اقرأ أيضًا:

لكن الآن، ومن داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية نفسها، بدأت تتكشف مواقف مغايرة خلف الكواليس، فوفقاً للتقرير، فإن ضباطاً عسكريين مكلفين بمراقبة الوضع الإنساني في غزة، وجهوا تحذيرات واضحة إلى قياداتهم العليا في الأيام القليلة الماضية، مؤكدين أن الوضع يزداد تدهوراً بوتيرة متسارعة، وأن كميات الغذاء المتوفرة لن تكون كافية لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية في العديد من مناطق القطاع خلال فترة قصيرة، ما لم يتم التحرك سريعاً.

ونقلت الصحيفة الأميركية هذه المعلومات الحساسة عن ثلاثة مسؤولين عسكريين إسرائيليين، رفضوا الكشف عن هوياتهم، ما يدل على حساسية الاعتراف داخل أروقة القيادة الإسرائيلية.

تحرك فوري لإنقاذ الأرواح

وبحسب المصادر العسكرية الإسرائيلية نفسها، فإن الوقت لم يعد في صالح المدنيين في غزة، حيث أكد الضباط أن توسيع نطاق إدخال المساعدات يتطلب ترتيبات لوجستية وزمنية قد تستغرق أياماً وأسابيع، وهو أمر لا يمكن انتظاره في ظل تسارع الانهيار الغذائي، لذلك شددوا على ضرورة اتخاذ خطوات فورية وطارئة لضمان إيصال المساعدات بشكل أسرع وأكثر كثافة لتفادي المجاعة الوشيكة.

وتعكس الصورة المؤلمة التي نقلها التقرير الواقع اليومي في غزة، حيث تنتشر صور أطفال يبكون في طوابير طويلة أمام المطابخ المجتمعية بحثاً عن وجبة واحدة تسد الرمق، ففي خان يونس، على سبيل المثال، تظهر إحدى الصور التي نشرتها وكالات الأنباء طفلة منهكة تبكي وهي تحاول الحصول على الطعام من أحد المطابخ الخيرية التي باتت عاجزة عن الاستمرار.

إسرائيل تربط الإغاثة بمصير الرهائن

يأتي هذا الاعتراف النادر في وقت تتبنى فيه إسرائيل موقفاً متشدداً من المساعدات، إذ تربط رفع الحصار عن غزة وإدخال البضائع والإمدادات بالإفراج الكامل عن الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس، وقد تعهدت الحكومة الإسرائيلية بتوسيع رقعة الحرب داخل القطاع، ما يفاقم من تعقيد الوضع الإنساني ويقلل فرص وصول المساعدات للمحتاجين.

وفي الوقت ذاته، تواصل إسرائيل اتهام حماس بسرقة المساعدات الإنسانية، وهي اتهامات ترفضها الحركة وتصفها بأنها "ذرائع سياسية" لتبرير الحصار الخانق المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع.

الانهيار الغذائي الكامل

وتؤكد الوقائع على الأرض ما حذر منه الضباط الإسرائيليون، فقد أغلقت غالبية المخابز أبوابها بسبب نفاد الطحين والوقود، كما توقفت عشرات المطابخ الخيرية (التكايا) عن العمل، بعد أن عجزت عن توفير أدنى مقومات التشغيل من مواد غذائية وغاز. 

ووفقاً لبيان صادر عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن المخزون الغذائي الخاص بالبرنامج في غزة قد نفد بالكامل، ما يعني أن القدرة على توزيع المساعدات باتت معدومة في المرحلة الحالية.

وتتجلى المأساة بوضوح في أحدث تقرير صادر عن "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" (IPC)، وهو جهة رقابية دولية تتابع مستويات الجوع في العالم، ويؤكد التقرير أن ما لا يقل عن 500 ألف شخص في قطاع غزة يواجهون خطر الموت جوعاً، وهو رقم يمثل ربع سكان القطاع تقريباً، ويعكس تصاعد الكارثة إلى مستوى غير مسبوق.

صحيفة الشرق الأوسط