عادت عجلة المفاوضات غير المباشرة بين حركة "حماس" وإسرائيل إلى الدوران مجدداً، بعد فترة من الجمود نتيجة تمسك كل طرف بشروطه المسبقة التي عطلت التقدم نحو أي اتفاق لوقف إطلاق النار أو تبادل الأسرى.
وذكرت صحيفة الشرق الأوسط، في تقرير نشر اليوم الأحد، أن وسطاء دوليين كثفوا اتصالاتهم في الساعات الأخيرة لإعادة الطرفين إلى طاولة التفاوض، وقد نجحوا بالفعل في التوصل إلى تفاهم مبدئي يقضي بإزالة كافة الشروط المسبقة، سواء من جانب حماس أو إسرائيل، تمهيداً للدخول في مرحلة جديدة من المحادثات.
اقرأ أيضًا:
- ساعات حاسمة.. استئناف مفاوضات "جدية" بين إسرائيل وحماس في الدوحة
- مفاوضات حرجة وضغوط دولية.. حكومة الاحتلال تستعد لاتخاذ قرار مصيري بشأن الهدنة خلال ساعات
ضغوط مكثفة
وبحسب مصادر رفيعة في حركة "حماس" تحدثت للصحيفة، فإن وسطاء إقليميين ودوليين مارسوا ضغوطاً مكثفة على قيادة الحركة وعلى الجانب الإسرائيلي لإجبارهما على التخلي عن قائمة الاشتراطات التي كانت تحول دون التقدم نحو تسوية، خاصة ما يتعلق بوقف إطلاق النار الشامل أو آلية تبادل الأسرى.
وفي هذا السياق، أكد طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، في تصريح لوكالة رويترز، أن جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة انطلقت صباح الأحد في العاصمة القطرية الدوحة بمشاركة وفود من الجانبين، وبتنسيق مع أطراف دولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
وأوضح النونو أن المفاوضات تجري حالياً دون أي شروط مسبقة، وهو ما يعد تحولاً لافتاً في موقف الحركة، التي كانت في وقت سابق تربط التقدم في أي تفاوض بوجود ضمانات مكتوبة لوقف دائم وشامل لإطلاق النار.
مسودة اتفاق مبدئي
ووفقاً لمصادر مطلعة على سير التفاوض، فقد تم التوصل إلى إطار مبدئي لاتفاق أولي ينص على وقف إطلاق نار جزئي يمتد لمدة قد تصل إلى 70 يوماً، تتخلله إجراءات إنسانية تشمل إدخال كميات كبيرة من المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر، وتنفيذ عمليات تبادل للأسرى بين الجانبين، إضافة إلى انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من بعض المناطق التي أعادت احتلالها في أعقاب تجدد الحرب.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن هذا الاتفاق المبدئي يتضمن إطلاق سراح نحو 8 إلى 10 مختطفين إسرائيليين محتجزين لدى "حماس"، مقابل الإفراج عن دفعة جديدة من الأسرى الفلسطينيين، وسط مقترحات لتعديل "مفاتيح الإفراج"، بحيث تشمل أعداداً أكبر من أصحاب المحكوميات العالية، في محاولة لخلق توازن سياسي وإنساني يمكن تسويقه لدى الطرفين.
مفاوضات مرنة
وأكدت المصادر أيضاً أن هذه المفاوضات التي انطلقت رسمياً السبت، قد تمتد لأيام أخرى تبعاً لتقدم المحادثات، وأن الوسيط الأميركي نقل إلى قيادة "حماس" رسالة واضحة تؤكد اهتمام واشنطن بإنجاح هذه المرحلة كمدخل لإطلاق مرحلة ثانية من التفاوض، قد تكون أكثر شمولاً، إذا ما تم الالتزام بتطبيق بنود المرحلة الأولى.
كما شددت المصادر على أن الولايات المتحدة نقلت عبر وسطاءها تأكيداً على التزامها بتأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة على مراحل، وصولاً إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، في حال أبدى الطرفان مرونة كافية للالتزام بالاتفاقات المرحلية.
تصعيد ميداني
تأتي هذه التطورات السياسية في ظل تصعيد عسكري غير مسبوق تشنه إسرائيل على قطاع غزة، أسفر خلال الأيام القليلة الماضية عن مقتل مئات الفلسطينيين، بحسب ما أوردته وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس".
ووسط استمرار القصف الجوي والبري، أعلن وزير الجيش الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن "حماس" لم تكن لتعود إلى المفاوضات لولا الضغوط العسكرية، مشيراً إلى أن عملية "عربات جدعون" العسكرية التي تم توسيعها مؤخراً لعبت دوراً حاسماً في تغيير موقف الحركة ودفعها نحو طاولة التفاوض مجدداً.
كما نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصدر سياسي رفيع المستوى تحذيره من أن هذه "ساعات مصيرية"، في إشارة إلى حساسية المرحلة التي تمر بها المفاوضات، مشيراً إلى أن أمام حركة "حماس" خيارين لا ثالث لهما: إما القبول بالصفقة المعروضة، أو مواجهة تصعيد عسكري أوسع داخل قطاع غزة.