في مشهد يعكس تصاعد التوترات والانقسامات داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل، أعلن وزير المالية وزعيم حزب "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش، أحد أبرز أقطاب اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو، أنه سيلقي "بيانًا مهمًا" أمام الصحفيين، على خلفية قرار رئيس الوزراء إعادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وهو القرار الذي تم تمريره داخل المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) دون عرضه للتصويت.
موقف متشدد
وكان سموتريتش، المعروف بمواقفه الرافضة لأي شكل من أشكال التسهيلات لغزة، قد أطلق قبل نحو ستة أسابيع تصريحات نارية خلال مؤتمر صحفي قال فيها بشكل قاطع: "لن تدخل حتى حبة قمح واحدة إلى غزة إذا كانت ستصل إلى حماس"، مشيرًا إلى أن الحكومة ارتكبت "خطأً فادحًا" في بداية الحرب حين سمحت بدخول المساعدات دون ضمانات لمنع استفادة الحركة منها، بحسب ما نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت.
اقرأ أيضًا:
- تصعيد خطير.. سموتريتش يدعو لتكرار مجازر غزة في الضفة وإبادة هاتين القريتين
- من موراج إلى المجهول.. سموتريتش يكشف خطة إسرائيل لـ"تدمير غزة وتهجير سكانها"
وأثار قرار إدخال المساعدات، الذي رفض نتنياهو طرحه للتصويت رغم اعتراضات من وزراء متشددين مثل إيتمار بن غفير، حفيظة سموتريتش، لا سيما في ظل التزامات علنية سابقة قدمها لناخبيه بعدم التهاون في هذا الملف.
ووفقًا لصحيفة معاريف، فإن هذا القرار يضع سموتريتش "في الزاوية"، إذ يجد نفسه مضطرًا للاختيار بين تنفيذ تهديداته بالانسحاب من الحكومة وتقويض استقرار الائتلاف، أو القبول بما وصفته الصحيفة بـ"ابتلاع الدواء المر"، في إشارة إلى التراجع عن مواقفه الصلبة تحت وطأة الضغوط الدولية.
تهديد صريح
من جانبه، لمح عضو الكنيست تسفي سوكوت، المنتمي لحزب "الصهيونية الدينية"، إلى إمكانية انسحاب الحزب من الحكومة إذا تبين أن القيادة تخلت عن هدف "تحقيق نصر ساحق" في غزة، بما في ذلك تنفيذ خطة التهجير.
وقال سوكوت: "إذا شعرنا أن الحكومة تراجعت عن هدف الحملة الكبرى، فلن يكون لنا مكان في هذه الحكومة".
ورغم موقفه الرافض، فقد دعم سموتريتش خلال اجتماع الكابينت أمس اقتراح وزير الخارجية غدعون ساعر، بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، مبررًا موافقته بوجود "ضغوط أوروبية شديدة وتهديدات بفرض عقوبات على إسرائيل".
لكن سموتريتش اشترط أن يتم التأكد من عدم وصول المساعدات إلى حركة حماس، وهو ما اعتبرته معاريف محاولة لكسب الوقت وتفادي صدام مباشر مع نتنياهو في الوقت الحالي.
وتساءلت الصحيفة الإسرائيلية بوضوح: "هل سيكون سموتريتش جادًا في تهديده بالاستقالة إذا وصلت المساعدات إلى حماس؟"، في إشارة إلى الترقب الكبير داخل الأوساط السياسية لموقفه النهائي.
استقالة سابقة
يذكر أن سموتريتش سبق أن أعلن استقالته من الحكومة في مارس الماضي، في خطوة فهمت على أنها احتجاج على الصراع على المناصب مع زميله في المعسكر المتطرف إيتمار بن غفير، زعيم حزب "القوة اليهودية".
ووفق بيان صادر آنذاك عن مكتبه، فإن استقالته جاءت ردًا على طلب بن غفير بالحصول على مزيد من الوزارات عند عودته إلى الحكومة، في ظل خلافات واضحة بين الرجلين حول توزيع النفوذ داخل الائتلاف.
ورغم تلك الاستقالة، فإن الحكومة لم تنهر، واستمر حزب سموتريتش في دعم نتنياهو من الخارج، ما يكشف عن مدى التشابك بين المصالح الحزبية الشخصية واستمرار التحالف اليميني في إسرائيل.