في تطور جديد يكشف عن تعقيدات المشهد الإنساني في قطاع غزة، أفادت قناة i24NEWS الإسرائيلية، نقلًا عن مصدر أمني رفيع، بأن تدفق شاحنات المساعدات إلى داخل القطاع سيستمر بشكل يومي، وبكميات كبيرة خلال الأسبوع المقبل، وذلك حتى بعد افتتاح أربعة مراكز مخصصة لتوزيع الإغاثة في منطقتي نيتساريم وموراغ جنوب غزة.
ورغم الإعلان عن هذه المراكز كخطوة تنظيمية لتحسين آليات التوزيع، أشار المصدر ذاته إلى أن هذه النقاط لن تكون كافية لتلبية الاحتياجات الميدانية للسكان، ما دفع إسرائيل إلى السماح بمرور شاحنات إضافية مباشرة إلى مناطق مختلفة داخل غزة، لتغطية النقص وتقديم ما وصفه بـ"المساعدات التكميلية".
اقرأ أيضًا:
- تهدد وجود الفلسطينيين.. 3 عقبات أمام نجاح خطة توزيع المساعدات في غزة
- فضيحة "SRS".. إسرائيل تسعى لتنفيذ خطة سرية للسيطرة على المساعدات
وفي إطار آخر لا يخلو من الجدل، أجرت إسرائيل تعديلات جديدة على آليات التفتيش والرقابة الخاصة بعمل المنظمات الإنسانية العاملة في القطاع، بهدف تقليص فرص وصول أي جزء من المساعدات إلى حركة حماس، بحسب ما أكده المصدر الأمني.
ويأتي ذلك في ظل اتهامات متكررة من إسرائيل بأن حماس تستفيد من جزء من المواد الإغاثية التي تدخل القطاع، وهو ما تنفيه الحركة وتعتبره مبررًا إضافيًا لتضييق الخناق على المدنيين.
اتهامات أمريكية–إسرائيلية
وفي تطور لافت، فجر رجل الأعمال الأمريكي–الإسرائيلي موتي كهانا، مدير شركة GDC للخدمات اللوجستية، جدلًا جديدًا باتهامه الحكومة الإسرائيلية بإقصائه المتعمد من منظومة توزيع المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وفي مقابلة إذاعية مع راديو الناس، قال كهانا إن شركته كانت جزءًا من خطة دولية متكاملة لتقديم الإغاثة إلى سكان القطاع، لكنه فوجئ بـ"استبعاده دون تقديم أسباب منطقية أو رسمية"، حسب تعبيره.
وذهب كهانا إلى أبعد من ذلك، حين اتهم إسرائيل بخداع الإدارة الأمريكية في هذا الملف، عبر ترويج شركة "وهمية" – حسب وصفه – على أنها شركة أمريكية مستقلة، في حين أنها تتبع فعليًا للحكومة الإسرائيلية.
وأكد أن هذا التلاعب كان السبب الرئيسي في تأجيل البدء الفعلي بعمليات توزيع المساعدات داخل غزة، بعدما اكتشفت الإدارة الأمريكية وجود تضليل في آلية التعاقد والتنفيذ.
أزمة إنسانية مستمرة
تأتي هذه التطورات في وقت تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وسط حصار مستمر منذ أكثر من ستة أشهر، وأضرار هائلة طالت كافة البنى التحتية، بما في ذلك المستشفيات ومخازن الغذاء وشبكات المياه والصرف الصحي، وقد أدى انخفاض كميات المساعدات الغذائية والدوائية التي تصل فعليًا إلى المدنيين، إلى تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية بشكل متسارع.
ويعاني أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع من أوضاع إنسانية مأساوية، في ظل نقص حاد في المواد الأساسية، ومع انعدام الأمن الغذائي لمعظم العائلات، وفي الوقت ذاته، تستمر الخلافات السياسية والإدارية بين إسرائيل وبعض الأطراف الأمريكية والدولية، في تقويض جهود الإغاثة، وتوجيهها وفق أجندات عسكرية وأمنية، بدلًا من مراعاة الحياد الكامل في التعامل مع السكان المدنيين.
ورغم التصريحات الإسرائيلية التي تتحدث عن "تكثيف" دخول الشاحنات، إلا أن التوزيع العملي للمساعدات لا يزال يواجه تحديات ميدانية كبيرة، ما يثير مخاوف المنظمات الإنسانية من دخول القطاع في مرحلة كارثية جديدة، إذا لم تتخذ خطوات عاجلة وشفافة لضمان وصول المساعدات بشكل عادل وغير مشروط.