عقدت مجموعة من الضباط الاحتياط ورجال الأعمال ومسؤولين عسكريين في إسرائيل سلسلة اجتماعات رسمية، بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023، أسفرت عن بلورة خطة غير تقليدية تهدف إلى تحويل مسؤولية إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من المؤسسات الدولية إلى شركات أميركية خاصة، في خطوة تتجاوز الأمم المتحدة وتضعف نفوذ حركة حماس.
مبادرة أميركية بوجه إسرائيلي
وبمرور ما يقارب عام على هذه اللقاءات، بدأت الخطة تأخذ مسارها نحو التنفيذ تحت مسمى "مبادرة أميركية مستقلة"، رغم أن صحيفة نيويورك تايمز كشفت في تحقيق أجرته حديثًا أن المشروع الإنساني الجديد لقطاع غزة، والذي تم تقديمه كمبادرة أميركية، ما هو إلا تصور إسرائيلي من البداية.
أهداف متعددة تحت غطاء إنساني
الخطة التي وضعت تسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف مركزية:
-
تقويض سيطرة حماس في غزة من خلال التحكم الكامل في مسار المساعدات الإنسانية.
-
منع وصول المواد الغذائية والمعدات إلى المقاتلين أو تسريبها إلى السوق السوداء داخل القطاع.
-
الالتفاف على آلية الأمم المتحدة التي تتهمها إسرائيل بالتحيّز ضدها.
وقد تولى قيادة المشروع كل من جيك وود، الجندي السابق في مشاة البحرية الأميركية، وفيليب رايلي، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وشملت الخطة إقامة أربعة مراكز توزيع في جنوب غزة، ستكون تحت الإشراف المباشر للجيش الإسرائيلي.
وعلى الرغم من أن البدء بتنفيذ المشروع كان مقررًا هذا الأسبوع، إلا أنه تأجل لأسباب لم يُفصح عنها.
ومن جهته، أكد جيك وود، الذي يرأس "صندوق المساعدات الإنسانية"، أن مؤسسته تعمل باستقلال تام دون تمويل من إسرائيل، مشيرًا إلى رفضه المشاركة في أي برنامج يدعم التهجير القسري للفلسطينيين في غزة.
وقد تأسست الخطة انطلاقًا من فرضية استراتيجية أساسية تقضي بتوزيع المساعدات فقط من مناطق تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة، بما يحرم حماس من أي نفوذ أو تدخل في العملية، ويعزلها عن المجتمع الدولي وآلية الأمم المتحدة.
تكتيك بديل للحرب
وفي السياق ذاته، ترى الدوائر الأمنية في إسرائيل أن الانتصار على حماس لا يمكن أن يُحقق فقط بالوسائل العسكرية، ولذلك تعوّل القيادة على أن هذه الآلية المباشرة لتوزيع المساعدات ستساهم في فصل حماس عن سكان غزة، وحرمانها من ورقة الضغط الشعبية، وبالتالي إضعاف تأثيرها على الأرض.
وتضمن الخطة على أن نجاح إسرائيل في تحقيق أهدافها طويلة المدى في الحرب على غزة يتطلب تبني أدوات ميدانية تستهدف البنية الاجتماعية والدعم الشعبي لحماس، لا الاكتفاء بتفكيك الحكومة المسيطرة على القطاع مؤقتًا.
كيف ستوزع المساعدات؟
ووفقًا لـ "الخطة"، فأن المساعدات الإنسانية سيتم نقلها إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، بعد إخضاعها لعمليات فحص دقيقة واعتمادها داخل منشأة أمنية خاصة أنشئت لهذا الغرض، ومن المقرر أن تتولى شركات أميركية خاصة مهمة التوزيع المباشر لصناديق المواد الغذائية والمعدات، وسط حماية الجيش الإسرائيلي.
وتشمل آلية التوزيع حضور أحد أفراد العائلة الغزية شخصيًا إلى نقطة التسليم المحددة، حيث سيخضع للتفتيش قبل استلام صندوق المساعدات المخصص لأسرته، ووفقًا للمخطط، فإن كل عائلة ستحصل على حزمة من المواد الأساسية تكفي لتغطية احتياجاتها لمدة أسبوع.
توزيع مباشر.. وعزل حماس
كما يرى القائمون على المبادرة أن هذه الطريقة الدقيقة في التوزيع المباشر ستحد كثيرًا من قدرة حماس على الاستفادة من المساعدات أو التلاعب بها، مما يعزز من فرص عزلها عن قاعدة الدعم الشعبي في غزة، ويعيد تشكيل معادلة النفوذ داخل القطاع بطريقة غير عسكرية.