في ظل الجهود الدولية المستمرة لإنهاء الحرب على قطاع غزة، رفضت إسرائيل بشكل قاطع مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار تقدم بها رجل الأعمال الأميركي من أصول فلسطينية، بشارة بحبح، وذلك من خلال وساطة أميركية غير رسمية.
هذا ما أفادت به صحيفة "يسرائيل هيوم"، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، أكد أن المقترح بعيد تمامًا عن تلبية ما وصفه بـ"المتطلبات الأمنية الأساسية لإسرائيل".
رفض مقترح بحبح
وبحسب الصحيفة العبرية، أوضح المصدر الإسرائيلي أن المفاوضات الجارية حتى الآن لم تسفر عن أي نتائج ملموسة، مشيرًا إلى أن المقترح الوحيد الذي لا يزال قائمًا على الطاولة، ويحظى باهتمام رسمي، هو ذاك الذي قدمه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف إلى حركة حماس قبل أسبوع في العاصمة القطرية الدوحة.
ووفقًا للمصدر ذاته، جاء رفض إسرائيل لمقترح بحبح بسبب احتوائه على بنود وصفت بأنها "تتناقض جذريًا" مع الخطوط الحمراء التي وضعتها تل أبيب لتحقيق أهدافها من الحرب.
وشدد على أن إسرائيل لن تتراجع عن مطلبها الأساسي والمعلن، وهو الإفراج الكامل عن جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس، أحياءً وأمواتًا، معتبرًا أن استمرار الضغط العسكري هو الوسيلة الوحيدة القادرة على تحقيق هذا الهدف.
اقرأ أيضًا:
- تطورات حاسمة في مفاوضات غزة.. تقارب محتمل وتصريحات مربكة من نتنياهو
- في ظل تعثر المفاوضات.. دعوات داخلية في إسرائيل لمخطط بديل يعيد ترتيب أوراق غزة
وأضاف المسؤول أن المقترح الذي حمله بحبح "يبتعد كليًا عن المبادئ التي بنيت عليها خطة ويتكوف"، مشيرًا إلى أن بنوده تعني ضمنيًا التخلي عن الأهداف العسكرية والسياسية لإسرائيل، وتعد بمثابة "استسلام" للحركة الفلسطينية.
مقترح بحبح
وتتضمن مسودة بحبح المطروحة، وفق ما ورد، مطالب جوهرية، من بينها انسحاب الجيش الإسرائيلي من مواقع سيطرته داخل قطاع غزة إلى خطوط ما قبل شهرين، وفتح المعابر بشكل كامل لإدخال الإمدادات، بالإضافة إلى بند ينص على اعتراف الولايات المتحدة بحركة حماس كطرف شرعي.
أما فيما يخص ملف الأسرى، فيقترح الاتفاق الإفراج عن خمسة رهائن إسرائيليين أحياء في اليوم الأول من بدء التنفيذ، وخمسة آخرين في اليوم الستين، بينما يتخلل هذه الفترة تسليم جثامين نحو 17 رهينة.
في هذا السياق، أدلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصريح اعتبر فيه أن ثمّة مؤشرات إيجابية بشأن تفاهم محتمل مع حركة حماس حول غزة، مضيفًا أنه تواصل مع الجانب الإسرائيلي في محاولة لاحتواء الوضع ووقف الحرب في أسرع وقت ممكن.
موقف الإدارة الأمريكية
ووفق مصادر داخل إدارة ترامب، فإن الرئيس الأميركي يبذل حاليًا ضغوطًا متزايدة على الحكومة الإسرائيلية لوقف العمليات العسكرية، وأعرب عن "سخطه الشديد" حيال استمرار الحرب رغم المساعي السياسية المبذولة.
وبحسب ما نقلته "يسرائيل هيوم"، فإن الإدارة الأميركية ما زالت تراهن على التوصل إلى اتفاق شامل ومتدرج، تبدأ مراحله الأولى بإفراج جزئي عن الأسرى، ليبنى عليه لاحقًا وقف شامل لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع المحتجزين لدى حماس، وتعد "خطة ويتكوف" هي حجر الأساس لهذه الاستراتيجية الأميركية.
وأكدت مصادر للصحيفة العبرية أن إدارة الرئيس الأميركي متمسكة بالمسار الدبلوماسي وترى فيه الخيار الأوحد للوصول إلى تسوية شاملة ومستدامة في غزة، رغم العراقيل التي يضعها الطرفان.
رفض حماس
من جانبها، لا تزال حركة حماس متمسكة برفض الشروط الإسرائيلية المعلنة لإنهاء الحرب، وهي الشروط التي كررها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتشمل الإفراج الكامل عن جميع الرهائن (أحياءً وجثثًا)، ونزع سلاح الحركة بالكامل، وخروج قياداتها من القطاع، إضافة إلى إنهاء أي دور سياسي أو إداري لحماس في حكم غزة مستقبلاً.
وفي حديث خاص لشبكة "سي إن إن"، كشف المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف عن تفاصيل الاتفاق المقترح الذي يتوسط فيه حاليًا، موضحًا أنه يتضمن مسارًا واضحًا نحو وقف دائم لإطلاق النار.
وبين ويتكوف أن الاتفاق يشمل الإفراج عن نصف عدد الرهائن الأحياء ونصف عدد الجثامين في مرحلة أولى مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار، يعقبها الدخول في مفاوضات معمقة تهدف للتوصل إلى تسوية نهائية تنهي الحرب بشكل دائم.
ورفض ويتكوف الإفصاح عن مدة الهدنة المؤقتة، معتبرًا أن هذه النقطة لا تزال من أبرز نقاط الخلاف في المفاوضات، لكنه أشار إلى أن إسرائيل منفتحة على اتفاق مرحلي يتضمن وقفًا مؤقتًا للعمليات العسكرية مقابل إطلاق سراح جزئي للرهائن، بشرط أن يفتح هذا المسار الباب أمام مفاوضات جدية تؤسس لهدنة دائمة.
واختتم ويتكوف تصريحه بالتأكيد على أن هذا المقترح لا يزال قائمًا ومطروحًا أمام حماس، داعيًا الحركة إلى اغتنام الفرصة والموافقة على المبادرة من أجل إنقاذ الأرواح وإنهاء المعاناة.