في تطور يعكس عمق الخلل العسكري والأمني الذي واجهته إسرائيل خلال هجوم السابع من أكتوبر 2023، كشف الجيش الإسرائيلي عن نتائج تحقيق داخلي بشأن ما عرف بـ"معركة كرم أبو سالم"، مؤكداً فشله الصريح في الدفاع عن المنطقة خلال الهجوم الذي شنته حركة حماس.
لم يكتفي التقرير الذي نشرته هيئة البث الإسرائيلية بتوثيق الثغرات الأمنية، بل أظهر أن قوات الجيش الإسرائيلي تخلت فعلياً عن سكان الكيبوتس وجنود كتيبة النحال الذين كانوا متمركزين فيه أثناء الهجوم.
اقرأ أيضًا:
- خسائر في نخبة قوات الاحتلال.. تحقيق عسكري يكشف فضائح قيادية يوم 7 أكتوبر
- وثائق سرية تكشف دوافع هجوم 7 أكتوبر: حماس سعت لإفشال مخطط إسرائيلي أمريكي
انهيار المنظومة الدفاعية
ووفقاً لما ورد في التحقيق، فإن المنظومة الدفاعية المحيطة بكيبوتس كرم أبو سالم انهارت كلياً، بدءاً من فشل القيادة العسكرية في إدارة الموقف، وصولاً إلى سقوط قائد اللواء الجنوبي، الأمر الذي تسبب في شلل شبه كامل في منظومة القيادة والسيطرة على الأرض.
وأوضح التقرير أن هذا الانهيار ساهم في السماح للمقاتلين الفلسطينيين باختراق الحدود وفتح 11 ثغرة في السياج الأمني المحيط بالمستوطنة، دون أن يواجهوا مقاومة تُذكر في اللحظات الأولى.
وأظهرت النتائج التي توصل إليها التحقيق أن العملية لم تكن مفاجئة فحسب، بل كشفت عن ضعف تكتيكي ولوجستي خطير، فقد أسفر الهجوم على كيبوتس كرم أبو سالم عن مقتل 6 من عناصر الأمن، وإصابة 11 آخرين، في وقت كان من المفترض أن تكون المنطقة إحدى النقاط المحصنة التي تعتمد عليها إسرائيل في صد أي تسلل محتمل من قطاع غزة.
نتائج التحقيقات
ورغم أهمية النتائج، فإن التحقيق تجنب التطرق بشكل دقيق إلى الفترة الزمنية التي استغرقها تسلل مقاتلي حماس من خلال السياج الحدودي دون أن تُواجههم قوات إسرائيلية فعالة.
كما لم يتناول التقرير طبيعة الأسلحة التي استخدمها عناصر حماس خلال الهجوم، أو حجم الفجوة الكبيرة في الجاهزية واللياقة القتالية بين الطرفين، سواء من حيث التدريب أو القدرة على التحرك الفوري.
ولعل أكثر ما يثير القلق في التقرير هو ما ورد حول الاستجابة الجوية، فقد أشار التحقيق إلى أن طائرتين مروحيتين فقط شاركتا في التعامل مع التسلل في تلك المنطقة، إحداهما اضطرت لأن تتلقى أوامرها وتوجيهاتها من مسؤول أمني مدني عبر الهاتف، وهو ما يعكس حالة من الارتباك والارتجال داخل المؤسسة العسكرية في لحظة كانت تستوجب قيادة ميدانية صارمة واستجابة منسقة.
ولا تمثل هذه النتائج التي خرج بها الجيش الإسرائيلي فقط إدانة لقيادته العسكرية خلال معركة كرم أبو سالم، بل تعكس أزمة ثقة داخلية متصاعدة في القدرة الدفاعية لمؤسسات الدولة في مواجهة هجمات منسقة كتلك التي نفذتها حماس، كما أنها تفتح الباب أمام تساؤلات حادة داخل الأوساط الأمنية والسياسية الإسرائيلية حول مدى الجاهزية الحقيقية للجيش، ومدى قدرة المؤسسة العسكرية على تجنب سيناريوهات مشابهة مستقبلاً، خاصة في ظل تهديدات مستمرة من أكثر من جبهة.