أبدى البيت الأبيض تفاؤلًا حذرًا بقرب التوصل إلى اتفاق جديد يشمل وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار وتبادلًا للمحتجزين بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس في قطاع غزة، وسط جهود مكثفة يقودها مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ستيف ويتكوف، في محاولة لرأب الصدع بين الطرفين المتنازعين، بحسب ما كشفته ثلاثة مصادر مطلعة على سير المفاوضات لموقع "أكسيوس".
اتفاق خلال ايام
ونقل الموقع عن مصدر أمريكي رفيع قوله إن "الوصول إلى اتفاق بات ممكنًا خلال أيام إذا قدم كل طرف تنازلًا صغيرًا"، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية تبذل جهودًا متسارعة لإنهاء الحرب المستمرة منذ أشهر، والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 54 ألف شهيد فلسطيني، مقابل مقتل أكثر من 1600 من الإسرائيليين وفق الإحصاءات الرسمية.
اقرأ أيضًا:
- ضربة سياسية: البيت الأبيض يدرس استقبال بينيت في واشنطن.. هل يسعى لإسقاط نتنياهو؟
- البيت الأبيض: ترامب يسعى لقرار مفاجئ في غزة (تفاصيل)
وفي المقابل، يواصل جيش الاحتلال عملياته العسكرية المدمرة في القطاع، مستهدفًا البنية التحتية وقيادات حركة حماس.
ورغم تعقيدات المشهد الميداني، ترى الإدارة الأمريكية أن الاتفاق بات أقرب من أي وقت مضى، حتى وإن كان مؤقتًا في مرحلته الأولى، على أمل أن يفتح الباب نحو تسوية طويلة الأمد لاحقًا.
لقاءات مباشرة
وخلال الأسبوعين الماضيين، قاد ويتكوف جولات مكوكية من المفاوضات شملت لقاءات مباشرة مع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ومستشاره المقرب رون ديرمر في تل أبيب، إلى جانب محادثات غير مباشرة مع قيادة حماس المقيمة في العاصمة القطرية الدوحة، بوساطة رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي بشارة بحبح، الذي لعب دورًا حاسمًا في إيصال الرسائل والتفاهمات بين الطرفين.
في تطور لافت يوم الإثنين، أعلنت حركة حماس موافقتها على مسودة مقترح أمريكي يتضمن وقفًا لإطلاق النار لمدة 60 يومًا، مقابل إطلاق سراح عشرة رهائن أحياء على مرحلتين: خمسة في اليوم الأول، وخمسة آخرون في اليوم الأخير من فترة التهدئة، غير أن سلطات الاحتلال رفضت المقترح بصيغته تلك، معتبرة أنه لا يلبي متطلباتها الأمنية والسياسية، حيث أصر الجانب الإسرائيلي على أن يتم الإفراج عن الرهائن العشرة دفعة واحدة منذ اليوم الأول.
ردًا على ذلك، صرح ويتكوف لموقع "أكسيوس" بأن "حماس حرفت جوهر العرض الأمريكي"، واصفًا موقف الحركة بأنه "مخيب للآمال"، وهو ما كشف عن عمق التباين في الفهم والتفسير بين الأطراف الثلاثة – حماس، الاحتلال، والولايات المتحدة.
مقترح حماس
وأوضح مصدر مطلع على فحوى المقترحات أن هذه العقبة ناجمة بالأساس عن سوء تفاهم في الصياغة والتفاصيل الفنية، ما أدى إلى اختلاف التفسيرات حول تسلسل تنفيذ البنود، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الجهود لم تتوقف، حيث استؤنفت المحادثات الثلاثاء، وشهدت لقاءً جديدًا بين بحبح ومسؤولي حماس في الدوحة، تزامنًا مع اجتماع بين ويتكوف وديرمر في واشنطن.
وجاءت هذه اللقاءات بعد بيان رسمي صدر عن حركة حماس يوم الأربعاء، أكدت فيه استعدادها للتوصل إلى "إطار شامل" يتضمن وقف إطلاق نار دائم، وانسحابًا كاملاً لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وتجديد تدفق المساعدات الإنسانية، إلى جانب تشكيل لجنة تكنوقراطية مستقلة تتولى إدارة القطاع في المرحلة الانتقالية.
كما نص الإطار المقترح على إطلاق سراح عشرة رهائن أحياء وتسليم رفات آخرين مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين، على أن تكون هناك ضمانات دولية للاتفاق تقدمها الولايات المتحدة، ومصر، وقطر.
وثيقة شروط جديدة
بعد ساعات قليلة، ظهر ويتكوف في المكتب البيضاوي إلى جانب الرئيس ترمب، حيث أعلنا التوصل إلى "وثيقة شروط جديدة" حظيت بموافقة ترمب، تتضمن تعديلات لغوية تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين الطرفين، دون أن تغير جوهر المقترح السابق بشكل جوهري.
وأكد ويتكوف خلال المؤتمر الصحفي قائلاً: "لدي شعور قوي بإمكانية الوصول إلى وقف إطلاق نار مؤقت يفتح الباب أمام حل سلمي طويل الأمد".
ووفقًا لتصريحات مسؤول كبير في حكومة الاحتلال، فإن المسودة الجديدة لا تختلف كثيرًا من حيث المضمون، لكنها تقدم بعض الضمانات التي تطالب بها حماس لضمان جدية التفاوض بشأن التهدئة الدائمة خلال فترة الهدنة المؤقتة، مع تعهد الاحتلال بعدم خرق الاتفاق بشكل أحادي.
ورغم هذا التقدم النسبي، لا يزال الخلاف قائمًا حول تسلسل إطلاق سراح المحتجزين، وهو البند الذي تصر فيه حماس على التنفيذ المرحلي، بينما تتمسك حكومة الاحتلال بالإفراج الكامل منذ البداية لضمان حسن النية.
وأشار مسؤول أمني إسرائيلي إلى أن حماس قد تكون أكثر مرونة في هذا الملف، خوفًا من فقدانها السيطرة على آلية توزيع المساعدات الإنسانية، والتي حاول الاحتلال مؤخرًا إدارتها عبر آلية جديدة أثارت استياء الحركة.
وأضاف المسؤول: "إذا تم التوصل إلى اتفاق، فستعود مسؤولية توزيع المساعدات إلى الأمم المتحدة، وهو ما قد يعزز من قبضة حماس على الأرض".