"عربات جدعون": المرحلة الأخيرة من الحرب أم بداية لمخطط طويل الأمد في غزة؟

عربات جدعون
عربات جدعون

تتصاعد التحليلات والتقديرات حول العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في قطاع غزة والمعروفة باسم "عربات جدعون"، وسط ترجيحات واسعة بين الخبراء بأنها تمثل المرحلة الأخيرة من الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حركة حماس، وتهدف بالدرجة الأولى إلى فرض سيطرة شاملة أو شبه شاملة على أجزاء واسعة من القطاع، مع ما يرافق ذلك من تهجير واسع للسكان وتمركز دائم للجيش الإسرائيلي في المناطق التي يتم احتلالها.

وتوصف العملية التي نالت الضوء الأخضر من المجلس الوزاري المصغر في إسرائيل، بأنها الأخطر والأوسع نطاقًا منذ اندلاع الحرب، وتحمل في طياتها أبعادًا ميدانية وسياسية تشير إلى أنها قد تشكل مخرجًا أو غطاءً للمرحلة النهائية من العمليات القتالية، وفق تقديرات خبراء عسكريين ومحللين سياسيين.

العملية الأكثر حسمًا عسكريًا

وفي هذا السياق، يرى الخبير في الشؤون العسكرية قاصد محمود أن "عربات جدعون" قد تكون بالفعل آخر عمليات إسرائيل في غزة، مشيرًا إلى أن أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية والسياسية في تل أبيب باتت تفتقر إلى أهداف جديدة حقيقية للاستمرار في العمليات، في ظل ما وصفه بـ"الدمار الهائل" الذي لحق بالبنية التحتية والواقع الإنساني في القطاع.

اقرأ أيضًا:

وأوضح محمود أن هذا الواقع الميداني سيجعل القيادة الإسرائيلية تدفع باتجاه إطالة أمد العملية الحالية قدر الإمكان، بهدف إحكام السيطرة العسكرية على أكبر مساحة ممكنة من القطاع، مرجحًا أن تكتفي إسرائيل بالبقاء في المناطق الشمالية والشرقية والجنوبية كأمر واقع جديد.

وأكد محمود أن القيادة العسكرية الإسرائيلية تدرك أن شن عمليات جديدة بعد انتهاء "عربات جدعون" سيكون أمرًا بالغ الصعوبة، إن لم يكن مستحيلاً، خاصة في ظل تصاعد الرفض الدولي والأوروبي لاستمرار الحرب، ومن هنا، يتوقع أن تستمر العملية الحالية لفترة طويلة، مما يجعلها الأطول بين كل المراحل التي مرت بها الحرب.

وأضاف أن إسرائيل تسعى من خلال هذه العملية إلى تحقيق هدف استراتيجي يتمثل بإعادة احتلال أجزاء كبيرة من قطاع غزة، مع فرض سيطرة أمنية كاملة على المناطق التي لا تتمركز فيها بشكل مباشر، مشيرًا إلى أن هذا الطموح الإسرائيلي هو ما يدفع حكومة نتنياهو، بدعم من الإدارة الأمريكية، إلى البحث عن آليات تضمن إيصال المساعدات للسكان دون السماح لحماس بالاستفادة منها.

كما أشار إلى أن أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل لن يفضي بالضرورة إلى إنهاء العملية الجارية، بل ربما يؤدي فقط إلى تعليق مؤقت للأنشطة العسكرية المرتبطة بـ"عربات جدعون"، لافتًا إلى أن نهاية الحرب ليست مرهونة بالإفراج عن الرهائن كما يروج البعض.

سلاح ذو حدين

من جانبه، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن عملية "عربات جدعون" تمثل محاولة سياسية من حكومة نتنياهو لإطالة أمد الحرب في غزة، وخلق مبررات جديدة للاستمرار في العمليات العسكرية رغم غياب أهداف واضحة ومعلنة.

واعتبر شلحت أن ضبابية الأهداف تضع هذه العملية في خانة "السلاح ذو الحدين"، فهي من جهة تمنح نتنياهو فرصة للتلاعب بالرأي العام الإسرائيلي والدولي عبر التركيز على تعنت حماس ورفضها الإفراج عن الرهائن، لكنها من جهة أخرى قد تتحول إلى عبء سياسي على الحكومة إذا فشلت في تحقيق نتائج ملموسة.

وأضاف أن هذا التكتيك يتيح لنتنياهو وحكومته تبرير استمرار القتال رغم الضغوط الداخلية والخارجية، متسلحين بموقف حماس الرافض للتنازلات، إلا أنه لم يستبعد في الوقت ذاته أن تستغل المعارضة الإسرائيلية ضعف أهداف العملية لتصعيد الهجوم على نتنياهو، لكنه شدد على أن المعارضة الحالية "ضعيفة ومفتتة" ولا تملك تأثيرًا حقيقيًا في ظل تحكم الائتلاف الحكومي بمفاصل القرار.

وأشار شلحت إلى أن العملية الحالية سوف تؤسس للشكل الجديد والخريطة السياسية والميدانية التي سيكون عليها قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، موضحًا أن تمسك حماس بمواقفها ورفضها التوصل إلى اتفاق مؤقت يعزز من موقف نتنياهو وائتلافه الحاكم.

وأكد أن "عربات جدعون" تهدف في الأساس إلى إعادة احتلال القطاع جزئيًا، وتشمل تهجير السكان من شمال غزة، والسيطرة على المناطق الشرقية بشكل كامل، وتدمير مدينة رفح بصورة شاملة، وهو ما تحقق جزئيًا بالفعل خلال المراحل الحالية من العملية، متوقعًا استمرارها حتى نهاية العام الجاري على أقل تقدير.

إرم نيوز