كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية وأميركية عن تفاصيل محادثة هاتفية وصفت بـ"المشحونة" دارت بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على خلفية الملف النووي الإيراني وسط تضارب في المواقف حول كيفية التعامل مع طهران، ورغبة ترمب في الدفع نحو تسوية دبلوماسية، مقابل نزعة إسرائيلية نحو التصعيد العسكري.
ووفق ما نقلته القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤولين مطلعين، فإن المكالمة بين ترمب ونتنياهو شهدت خلافات جوهرية بشأن مستقبل البرنامج النووي الإيراني، حيث عبر كل طرف عن رؤية متعارضة تمامًا لما يجب اتخاذه في هذه المرحلة الحساسة.
ترمب يحذر
وخلال المكالمة، بحسب القناة، أبلغ الرئيس الأميركي رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه لا يزال يؤمن بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران يحقق لإسرائيل ما تصفه بـ"احتياجاتها الأمنية"، مع التأكيد على أن الخيار الدبلوماسي هو الأنسب في الوقت الراهن.
اقرأ أيضًا:
كما شدد ترمب على رغبته في منع إيران من امتلاك سلاح نووي أو مواصلة تخصيب اليورانيوم، بما يتماشى مع شروطه الصارمة المعروفة، وهو ما أكدته وزارة الخارجية الأميركية التي أعلنت أن المفاوضات الجارية مع طهران تسير وفق الشروط التي حددها ترمب مسبقًا، وفي مقدمتها عدم السماح لطهران بالحصول على سلاح نووي أو مواد مخصبة على نحو عسكري.
وفي تصريحات أدلى بها ترمب لاحقًا للصحفيين، كشف عن جانب من فحوى الحديث مع نتنياهو، حيث حذر رئيس الحكومة الإسرائيلية من القيام بأي عمل عسكري أحادي ضد إيران، موضحًا أنه قال له بوضوح: "سيكون من غير المناسب اتخاذ هذه الخطوة الآن، لأننا قريبون جدًا من التوصل إلى حل".
وأضاف: "بالطبع، الأمور قد تتغير في أي لحظة، لكننا نملك فرصة لتجنب إراقة الدماء، وإذا استدعى الأمر لاحقًا، يمكننا تدمير المنشآت الإيرانية من دون إطلاق صواريخ أو تعريض أرواح للخطر."
نتنياهو هدد بعمل عسكري
في السياق ذاته، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين أن التهديدات الإسرائيلية المتكررة بشن هجوم على إيران هي ما دفع ترمب إلى الاتصال شخصيًا بنتنياهو الأسبوع الماضي، في محاولة لكبح جماح أي تحرك إسرائيلي منفرد قد يفشل جهود التفاوض التي تبذلها واشنطن مع طهران لإبرام اتفاق نووي جديد.
وبحسب مصادر الصحيفة، فإن المكالمة الهاتفية بين الطرفين كانت متوترة للغاية، حيث حاول نتنياهو إقناع ترمب بأن الفرصة الحالية سانحة لتوجيه ضربة عسكرية قاصمة لإيران، مدعيًا أن "ضعف النظام الإيراني لن يدوم طويلًا، وأن الوقت ملائم للتحرك."
في المقابل، تمسك ترمب برؤيته بأن الضعف الإيراني الراهن هو أفضل ظرف للتفاوض وليس للحرب، محذرًا من أن أي هجوم عسكري من شأنه نسف المحادثات الجارية وتعريض المنطقة لخطر التصعيد الواسع.
وتحدثت الصحيفة عن أن نتنياهو لمح بإمكانية تقويض المفاوضات من خلال استهداف المنشآت النووية الإيرانية مباشرة، غير أن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية نفى لاحقًا وجود أي توتر في المكالمة أو نية إسرائيلية للتخريب، معتبرًا ما ورد مجرد "مزاعم إعلامية".
خلافات عميقة
وتشير المعطيات التي كشفت عنها التقارير إلى تباين عميق في الرؤية الاستراتيجية بين واشنطن وتل أبيب، وتحديدًا بين ترمب ونتنياهو، رغم ما عرف سابقًا من انسجام كبير بينهما خلال السنوات الماضية، إلا أن قضية إيران، وما تمثله من تحدي استراتيجي للجانبين، كشفت عن هوة في أسلوب التفكير بين من يرى في الحوار نافذة للإنجاز، ومن لا يزال متمسكًا بالخيار العسكري كوسيلة لتحقيق الأمن.
ويعكس الخلاف الأخير حجم التوتر الصامت خلف الواجهة الدبلوماسية، كما يوضح أن إدارة ترمب -على عكس ما كان يروج- لم تكن دائمًا في موقع المساندة غير المشروطة لإسرائيل، بل مارست ضغوطًا واضحة عندما رأت أن المصالح الأميركية قد تتضرر من توجهات إسرائيلية غير محسوبة.