كشف قيادي بارز في حركة "حماس" عن تفاصيل جديدة تتعلق بمبادرة قدمتها الحركة مؤخرًا عبر الوسيط الفلسطيني–الأمريكي بشارة بحبح، إلى مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وذلك في محاولة لدفع عجلة المفاوضات المتعثرة بشأن إنهاء الحرب في غزة وإتمام صفقة تبادل المحتجزين.
ورغم أن الحركة أبدت مرونة في التعاطي مع المقترح الأمريكي، إلا أن الرد المفاجئ من الجانب الأمريكي ترك أثرًا بالغًا من "الصدمة" داخل أروقة حماس، بحسب تعبير القيادي.
مقترح حماس
ووفق ما صرح به المصدر لـ شبكة "سي إن إن"، فإن المقترح الذي سلمته "حماس" تضمن ثلاثة بنود رئيسية:
الموافقة على إطلاق سراح الرهائن، في إطار صفقة إنسانية وسياسية تشمل الجميع دون استثناء.
اقرأ أيضًا:
- ما هي اعتراضات حماس على مقترح ويتكوف الجديد بشأن غزة؟ (تفاصيل)
- ويتكوف يتبنى الرؤية الإسرائيلية ويبعد الوسيط الفلسطيني.. ما التفاصيل؟
وقف إطلاق نار مؤقت لمدة 60 يومًا، على أن يتم ذلك ضمن ما نصت عليه الخطة الأمريكية، ولكن بشرط مركزي هو وجود ضمانات أمريكية رسمية تلزم الأطراف بمتابعة المفاوضات خلال فترة التهدئة، وصولًا إلى وقف دائم لإطلاق النار، وضمان عدم استئناف العمليات القتالية بعد انتهاء المهلة المحددة.
تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل شامل، عبر قنوات منظمة الأمم المتحدة، بما يضمن التوزيع العادل والفعال.
كما تضمن المقترح بندًا إضافيًا يطالب بانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من المناطق التي سيطرت عليها بعد 2 مارس، كشرط أساسي لاستئناف أي عمليات عسكرية مستقبلية، ما يتيح أرضية أكثر استقرارًا للمفاوضات.
الرد الأمريكي المفاجئ
وبحسب المصدر نفسه، الذي وصفته “سي إن إن” بأنه مطّلع على مضمون المبادرة، فإن البنود الثلاثة نوقشت بالفعل مع الوسيط بشارة بحبح، قبل إرسال المقترح إلى ويتكوف.
ولكن المفارقة الكبرى – كما نقل القيادي في حماس – حصلت بعد زيارة ويتكوف إلى واشنطن ولقائه مع رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، وبعد هذا اللقاء، تغير موقف الإدارة الأمريكية بشكل جذري.
وقال القيادي: "تلقينا إشارات إيجابية في البداية من بحبح، حيث أبلغنا مرتين أو ثلاث مرات بأنه لا يرى مانعًا من بنود المقترح، ثم فجأة وجدنا أنفسنا أمام ورقة جديدة لا تحتوي على أيّ من مطالبنا، ببساطة، الورقة تحولت إلى وثيقة إسرائيلية بحتة".
وأضاف: "نحن مستعدون تمامًا لإطلاق سراح جميع المحتجزين في يوم واحد، ولكننا نحتاج إلى ضمان واضح وقاطع بأن الحرب لن تُستأنف بعد تنفيذ الصفقة، وهذه الضمانات لم نجدها، وهو ما يجعلنا على قناعة بأن الطرف الآخر يريد مواصلة الحرب، في حين أننا نريد إنهاءها".
مخاطرة إنسانية
وكشفت "سي إن إن" أن حماس كانت مستعدة لإطلاق سراح نصف عدد المحتجزين الأحياء المتبقين، البالغ عددهم 20 شخصًا، في لفتة إنسانية كبيرة، رغم إدراكها للمخاطر التي ينطوي عليها هذا القرار في ظل انعدام أي التزام إسرائيلي مسبق.
وقال القيادي في هذا السياق: "هذا القرار محفوف بالمخاطر، لكنه كان مؤشرًا حقيقيًا على نيتنا إنهاء الملف، لكن من دون ضمانات، لا يمكن أن نغامر بكل شيء".
وأشار أيضًا إلى أن الحركة كانت تعول على قوة شخصية ويتكوف وقدرته على الضغط على الحكومة الإسرائيلية، لكنها لم تجد منه حتى اللحظة الدعم المطلوب.
وتابع: "نعلم أن ويتكوف شخصية نافذة ويمكنه التأثير على تل أبيب، لكنه لم يقدم أي ضمان ملموس حتى الآن، وهذا يزيد من ارتيابنا حيال النوايا الأمريكية والإسرائيلية".
تجربة سابقة عززت الشكوك
واستعاد القيادي تجربة سابقة ساهمت في تآكل ثقة الحركة بالإدارة الأمريكية، وذلك عندما أطلقت حماس سراح الرهينة الأمريكي–الإسرائيلي إيدان ألكسندر، وحينها، كان رد فعل واشنطن إيجابيًا نسبيًا، وشكر الرئيس ترامب حماس علنًا، لكن – وفقًا للقيادي – فإن المساعدات الإنسانية التي وعد بها القطاع لم تصل بالسرعة أو الشمولية المتوقعة، وهو ما فسر داخل حماس على أنه مؤشر سلبي على التزام الولايات المتحدة بوعودها.
وفي ختام حديثه، شدد القيادي على أن "حماس" لا تزال تسعى بجدية للوصول إلى تسوية تنهي الحرب المدمرة وتعيد المحتجزين، لكنها لن تمضي في أي اتفاق بدون ضمانات قوية وموثوقة.
وقال بوضوح: "نحن نرغب بشدة في إنهاء الحرب وإتمام صفقة تبادل الرهائن، لكن لا يمكننا أن نتقدم خطوة واحدة في ظل غياب الضمانات الحقيقية، ما نراه حتى الآن هو مماطلة، وورقة تفاوضية لا تمثل سوى وجهة النظر الإسرائيلية".