في تحول استراتيجي يعكس رؤية جديدة للتعامل مع حدودها الشرقية والشمالية والجنوبية، أعلنت حكومة بنيامين نتنياهو، مؤخراً، عن الموافقة على المرحلة الأولى من خطة شاملة أعدّتها منظمة تدعى "الحارس الجديد"، والتي عرفت بتوجهاتها الصهيونية ذات الطابع الاجتماعي والتعليمي منذ تأسيسها عام 2007، إذ تسعى إلى الربط بين أمن الحدود والاستيطان والتعليم الديني والتجنيد العقائدي.
دفاع استيطاني متكامل
وفي واقعة غير مسبوقة، كشفت منظمة "الحارس الجديد"، لأول مرة تفاصيل خطتها الرامية إلى تحصين الحدود الإسرائيلية.
وتتضمن هذه الخطة توسيع المستوطنات الحالية، وإنشاء مستوطنات جديدة في مناطق نائية على تخوم الحدود، بالإضافة إلى إقامة مدارس دينية، وكليات عسكرية، وقرى طلابية ومزارع شبابية.
ويأتي ذلك في محاولة لإعادة تشكيل ما تعتبره المنظمة "خط الدفاع الأول عن إسرائيل" في حال وقوع هجمات مباغتة، شبيهة بعملية 7 أكتوبر.
ووفقًا لما جاء في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل هيوم" للكاتبة حنان غرينوود بعنوان "من الشمال حتى الجنون.. الخطة الاستيطانية لتعزيز الحدود الشرقية"، تم الكشف عن أن خطة "الحارس الجديد" تشمل 11 نقطة تبدأ من جبل الشيخ وتمتد عبر هضبة الجولان وحتى وادي عربة.
من رؤية أمنية إلى مشروع قومي
ولفتت "غرينوود"، إلى أن إدراك المنظمة لمحدودية الوضع الأمني بدأ منذ عام 2021، حين عُقد أول مؤتمر حول الجريمة في المناطق الحدودية. وبعد أحداث "حارس الأسوار"، ظهر الحديث عن تأسيس الحرس القومي، فيما بدأت "الحارس الجديد" بالتخطيط لإقامة قرى طلابية في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة لدعم المستوطنات القائمة.
وأضافت "غرينوود"، أن عملية 7 أكتوبر شكّلت نقطة تحول جذري، دفعت المنظمة للعودة إلى جذور الفكرة الصهيونية في إقامة الدولة، وتبني منهجية جديدة تعيد النظر في تعريف الدفاع عن الحدود.
العودة إلى فكر يغئال ألون
وأفادت "غرينوود"، بإن الوزير السابق يغئال ألون كان من أوائل من طرحوا مفهوم "الدفاع الشعبي الحدودي"، إذ آمن بأن إنشاء تجمعات سكانية مدربة ومزدهرة في الأطراف، يمثل العمق الاستراتيجي الحقيقي لإسرائيل، ويمنحها القدرة على مقاومة أي هجوم إلى حين وصول الجيش.
وتنطلق الخطة الجديدة من هذا المفهوم، إذ ستقام نقاط استيطانية جديدة في سفوح جبل الشيخ لتنضم إلى "نافيه أطيب"، وتضاف إلى نقاط مثل مسعدة ومجدل شمس، ما يمنح المنطقة أهمية استراتيجية متزايدة بعد تعزيز مكانة جبل الشيخ في الآونة الأخيرة.
اختراق في الجولان
وفي السياق ذاته، تسعى "الحارس الجديد"، في هضبة الجولان، لإنشاء نقطتين قرب الحدود مع سوريا، الأولى شرق مروم غولان وعين زيفان بمحاذاة القنيطرة، والثانية بين الونيه هبشان وكيشت، وذلك من أجل تحويل التجمعات الاستيطانية إلى "حصون حدودية" تماشياً مع عقيدة ألون.
تعبئة شبابية وتحصينات
وترتبط خطة "الحارس الجديد"، بقرار حكومي صدر قبل أسابيع ويقضي بإنشاء أنوية شبابية مقاتلة "ناحال"، وكليات عسكرية تمهيدية، ومدارس دينية حريدية، علاوة على مزارع وقرى طلابية ومساكن مؤقتة لدعم التجمعات السكانية القائمة على الحدود الشرقية.
وقبل 7 أكتوبر، سادت قناعة عامة في إسرائيل بأن الجدران الأمنية كفيلة بمنع التسلل، لكن تلك القناعة انهارت بعد الهجوم المفاجئ.
تحصين النموذج وتوسيعه
ومن جهته، أفاد يوئيل زلبرمان، مؤسس ومدير عام "الحارس الجديد"، قائلاً: "علينا الآن أن نخلق مناطق مترابطة من المستوطنات، تتدرب وتعمل معاً، وتجسد فكرة التحصين التي طرحها يغئال ألون".
وأردف "زلبرمان": "علمتنا 7 أكتوبر أنه علينا أن نعيد النظر جذرياً في كيفية فهمنا للحدود، وأن نبني خطوط دفاع جديدة... الحدود الشرقية أكثر إلحاحاً، لكن لاحقاً يجب تعميم النموذج على حدود سوريا، مصر، لبنان، وربما غزة مستقبلاً".
كما شدد "زلبرمان"، على أن هناك حاجة لتعزيز وتكثيف المستوطنات، وإنشاء نقاط جديدة تجعل من الحدود الإسرائيلية مناطق آمنة ومستقرة.