تحول استراتيجي غير مسبوق.. خطة إسرائيلية سرية تقلب الموازين في غزة

الحرب في غزة
الحرب في غزة

في خطوة تعكس تحولًا جذريًا في السياسات الإسرائيلية تجاه قطاع غزة، أقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت"، بدء تنفيذ خطة لضم القطاع بشكل تدريجي بعد اجتماع استثنائي عُقد مساء الاثنين، كشف خلاله عن ملامح استراتيجية جديدة تقودها الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو.

وتأتي هذه الخطوة في أعقاب جمود مستمر في مفاوضات وقف إطلاق النار، وفشل جهود الوسطاء في إحداث أي اختراق يذكر، وهو ما دفع نتنياهو إلى طرح خطط عملياتية أعدها الجيش تتضمن مجموعة من السيناريوهات، أبرزها الاحتلال الكامل لغزة، إلا أن السيناريو الأقرب للتطبيق هو الضم المتدرج لمناطق في القطاع حتى الوصول إلى السيطرة الكاملة.

تفاصيل الخطة

ووفق ما أوردته صحيفة "واللا" العبرية، فإن الخطة التي طرحها نتنياهو أمام الوزراء، جاءت وسط أجواء متوترة، وأكد خلالها أن إسرائيل بصدد تبني "نهج جديد" في التعامل مع غزة، يقوم على مبدأ فرض الوقائع على الأرض بدلًا من التعويل على نتائج التسويات.

وتنص الخطة على منح حماس فرصة أخيرة للقبول بالمقترح الذي تم عرضه عليها قبل أسبوعين عبر الوسطاء، والذي أبدت إسرائيل موافقتها عليه سابقًا، وإذا لم ترد حماس برد إيجابي خلال فترة زمنية قصيرة – لم تعلن تفاصيلها بعد – فإن إسرائيل سوف تبدأ فورًا تنفيذ خطة الضم، بالتزامن مع عمليات عسكرية تحت شعار "إنقاذ الرهائن".

وفي سياق الإعداد لهذه المرحلة، ناقش الكابينت إنشاء إدارة خاصة تتولى الشؤون المدنية والأمنية في المناطق التي ستخضع للسيطرة الإسرائيلية داخل القطاع، وهي فكرة كان قد طرحها سابقًا كل من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووجدت دعمًا من رئيس الأركان الحالي إيال زامير.

أبعاد سياسية داخلية ودولية

ويرى مراقبون، بحسب ما نشره موقع "واللا"، أن خطة الضم تأتي أيضًا في سياق الحفاظ على تماسك الائتلاف الحاكم في إسرائيل، خاصة بعد تهديدات عدد من الوزراء بالاستقالة في حال استمرار التراخي في مواجهة حماس. 

وتشير التحليلات إلى أن نتنياهو استخدم هذه الخطة لطمأنة شركائه، مؤكدًا لهم أنها ستمثل تغييرًا استراتيجيًا كبيرًا، وهو ما دفع بعضهم إلى العدول عن فكرة الانسحاب من الحكومة.

أما على الصعيد الدولي، فإن مجرد الإعلان عن ضم أراضٍ من غزة قد يشعل موجة انتقادات حادة ضد إسرائيل، خصوصًا من دول الاتحاد الأوروبي، وتشير مصادر سياسية إلى أن بعض الدول، مثل فرنسا، قد ترد بخطوات سياسية أكثر حدة، مثل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أو حتى بحث فرض عقوبات على إسرائيل، بينما من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في دعم الخطوة في ظل التفاهمات القائمة مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

مراحل الضم

ووفقًا لتحليل نشرته صحيفة "هآرتس"، فإن خطة الضم التدريجي تبدأ بالسيطرة على ما يعرف بالمنطقة العازلة، وهي المساحة التي كانت خالية من السكان أو قرب الحدود الأمنية، يليها ضم مناطق شمال قطاع غزة، تحديدًا قرب مدينتي سديروت وعسقلان، قبل الانتقال إلى مراحل لاحقة تشمل القطاع بأكمله.

وأشار الصحفي السياسي في "هآرتس"، حاييم ليفينسون، إلى أن هذه الخطة لا تهدف فقط إلى معاقبة حماس، بل تأتي أيضًا كاستراتيجية داخلية لتهدئة الأصوات المتشددة داخل الائتلاف الحكومي، وقد أبلغ نتنياهو بعض الوزراء، بشكل سري، تفاصيل الخطة قبل الإعلان عنها رسميًا، في محاولة لضمان دعمهم ومنع حدوث أي انشقاق سياسي في هذا التوقيت الحرج.

إرم نيوز