حماس على مفترق طرق.. هل الاغتيالات تدفع الحركة إلى مراجعة موقفها من التهدئة؟

حماس
حماس

في ظل تصاعد العمليات العسكرية واغتيال أبرز قياداتها، باتت حركة حماس، وفق ما يرجحه خبراء سياسيون، مضطرة لإعادة النظر في موقفها من التهدئة مع إسرائيل، وسط ضغوط عسكرية واستخباراتية غير مسبوقة طالت رؤوس الصف الأول والثاني في هيكلها القيادي، خصوصًا من تولوا قيادة عملية السابع من أكتوبر التي تعتبرها إسرائيل نقطة الانفجار الرئيسية في الصراع القائم.

اغتيالات مؤلمة تعيد رسم المعادلة

كثف الجيش الإسرائيلي، في الأسابيع الأخيرة، عمليات التصفية المنظمة ضد قادة حماس العسكريين والسياسيين، وكان آخرها اغتيال محمد السنوار، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة، وشقيق يحيى السنوار القائد السياسي البارز ورمز عملية السابع من أكتوبر، كما شملت الاغتيالات عشرة من كبار القادة الميدانيين، بعضهم من دائرة اتخاذ القرار في غزة.

ووفق تقارير إسرائيلية، فإن الجيش يركز حاليًا جهوده على ملاحقة عز الدين الحداد، قائد لواء غزة وأحد أبرز المرشحين لقيادة الجناح المسلح للحركة خلفًا لمحمد السنوار، في إطار خطة إسرائيلية تهدف إلى تجفيف منابع القيادة العسكرية لحماس تمهيدًا للقضاء عليها بشكل كامل.

تحولات داخل الحركة

في هذا السياق، يرى رائد نعيرات، المتخصص في الشأن السياسي، أن حماس أصبحت مضطرة لتقديم تنازلات، سواء للوسطاء الإقليميين أو للطرف الإسرائيلي، في سبيل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، مؤكدًا أن الاغتيالات الأخيرة هزت البنية القيادية للحركة وأحدثت تغييرات جذرية في طريقة تفكيرها.

وأوضح نعيرات، أن ما حدث أضعف قدرة حماس على فرض شروطها السابقة، بعد أن تم تحييد القيادات الأكثر تشددًا والأكثر رفضًا للحلول السياسية، وهو ما يفتح الباب أمام مواقف أكثر مرونة من قبل قيادات الصف الثاني المتبقية.

وأشار إلى أن إسرائيل، من جانبها، تتعمد استهداف القيادة بشكل ممنهج، مدركة أن الضربات المركزة ضد القيادات لا تقل أهمية عن العمليات البرية، حيث يصعب على الحركة تعويض هذه الخسائر الاستراتيجية على المدى القريب، خصوصًا في ظل انهيار جزء كبير من بنيتها الأمنية والعسكرية.

وخلص إلى أن حماس، وهي تخوض أصعب اختبار وجودي منذ تأسيسها، ستسعى في أي اتفاق قادم إلى الحصول على ضمانات دولية لمنع استمرار عمليات الاغتيال التي تطال قادتها، مؤكدًا أن هذه القضية ستكون شرطًا أساسيا في أي تفاهم سياسي مستقبلي.

ضغوط مركبة

من جانبه، يؤكد الخبير في الشأن السياسي سهيل كيوان، أن حماس باتت اليوم محاصرة بسلسلة من الضغوط المتلاحقة، وهو ما يجبرها على الاقتراب من القبول باتفاق تهدئة مع إسرائيل، حتى وإن جاء بشروط غير مرضية للحركة، من أجل تقليل حجم الخسائر والاحتفاظ بما تبقى من نفوذ.

وأشار كيوان، إلى أن اغتيال هذا العدد الكبير من القادة يعكس نجاح الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية في اختراق المنظومة الأمنية للحركة، ما يجعل الاستمرار في حالة الرفض والتصعيد مخاطرة عالية قد تؤدي إلى انهيار تام للبنية التنظيمية لحماس.

وتابع بالقول إن الحركة تعاني اليوم من ضعف واضح في قدراتها العسكرية، إلى جانب شلل شبه كامل في منظومتها الأمنية، وهو ما يجعل من غير الممكن استمرارها في المواقف المتشددة السابقة. 

وأضاف: "من المؤكد أن القيادة الحالية باتت ترى في التفاوض فرصة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعد أن استنزف رصيدها الميداني والسياسي".

سيناريوهات ما بعد الاغتيالات

يرى كيوان أن الحركة باتت قريبة من اتفاق للتهدئة مع إسرائيل، يتم فيه تقديم تنازلات غير معلنة في مقابل ضمانات ببقاء من تبقى من قياداتها العسكرية والسياسية على قيد الحياة، لكنه حذر من أن فشل الجهود الحالية للتوصل إلى هذا الاتفاق، سيقود إلى تصعيد جديد في وتيرة الاغتيالات، سواء في الداخل أو الخارج، ما يعني دخول الصراع إلى مرحلة دموية أكثر حدة.

وبحسب التقديرات، فإن حماس باتت ترى في استمرار المواجهة العسكرية تهديدًا وجوديًا، لا مجرد جولة من جولات الصراع، وهو ما يدفعها اليوم، لأول مرة منذ سنوات، إلى الاقتراب من مربع الواقعية السياسية الذي طالما رفضته لصالح خيار المقاومة المطلقة.

إرم نيوز