في كشف جديد يعكس عمق الفشل الأمني الإسرائيلي في اليوم الأول من هجمات السابع من أكتوبر 2023، أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح الثلاثاء، عن نتائج تحقيق عسكري شامل حول الهجوم الذي استهدف كيبوتس "إيرز" الواقع قرب حدود قطاع غزة، وهو ما أظهر ثغرات خطيرة في الجاهزية العسكرية مقابل أداء لافت لسكان محليين تصدوا للهجوم بأنفسهم.
تفاصيل الهجوم
ووفق ما ورد في التحقيق الرسمي الذي قاده المقدم (احتياط) يسرائيل شتريت واستمر تسعة أشهر، فقد بدأت العملية عند الساعة 6:40 صباحاً، حين تسلل نحو 15 إلى 20 عنصراً من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إلى كيبوتس إيرز، عبر ثغرة في السياج الأمني لم تُرصد في الوقت المناسب.
في تلك اللحظات الحرجة، لم تكن هناك أي قوة نظامية من الجيش الإسرائيلي متمركزة في الكيبوتس، مما دفع فريق التأهب المحلي المكوّن من 12 شخصاً للتدخل الفوري، هؤلاء الاشخاض كانوا يحتفظون بأسلحتهم الشخصية داخل منازلهم، وقادهم الحاخام السابق للكيبوتس، بن سادان.
ودار الاشتباك الرئيسي عند ما تعرف بـ"البوابة الزرقاء"، واستمر منذ الساعة 7:10 حتى 10:00 صباحاً، حيث تحولت المنطقة إلى ساحة معارك حقيقية، وخلال هذه المواجهات، قتل الرائد في الاحتياط أمير نعيم (27 عاماً)، العضو الوحيد من الفريق المحلي الذي سقط، فيما أُصيب عدد آخر بجروح متفاوتة.
غياب التنسيق
وأشار التحقيق بوضوح إلى أن الجيش لم يكن على دراية تامة بتفاصيل الهجوم إلا بعد ساعات من بدايته، حيث بدأ في إرسال دبابات وطائرات مسيّرة لاحقاً لمحاولة احتواء الوضع، إلا أن القتال داخل الكيبوتس استمر حتى المساء دون تدخل فعال من القوات النظامية.
وجاء "تطهير" المنطقة لاحقاً بالتعاون بين فريق التأهب، وجهاز الشاباك، ووحدات المظليين والكتيبة 202"، بحسب ما ورد في التقرير العسكري، الذي أوضح أن سكان الكيبوتس تصرفوا بمبادرتهم الذاتية ودون تعليمات عسكرية مركزية.
دور الحاخام سادان
من اللافت في التحقيق، الإشارة إلى أن الحاخام بن سادان لعب دوراً محورياً في إدارة المعركة ميدانياً، إذ استخدم طائرة مسيرة صغيرة لرصد تحركات المسلحين ومواقعهم بدقة. وبفضل ذلك، تمكن الفريق من صد محاولة تسلل إضافية عند النقطة 29، بعد أن فخخ المهاجمون أحد أجزاء السياج الأمني بعبوة ناسفة.
وقد استجاب الحاخام يانيف كستنباوم من كيبوتس "أور هانر" لنداء استغاثة، حيث قاد تعزيزات مدنية للمشاركة في القتال وإنقاذ مقاتلين محاصرين رغم نقص الذخيرة والموارد.
نتائج التحقيق
خلص التحقيق إلى أن ما جرى في كيبوتس "إيرز" عن فشل مزدوج استخباراتي وتشغيلي للجيش الإسرائيلي، قابله نموذج ميداني ناجح من تنظيم المجتمع المحلي، حيث شكلت جهوزية فريق التأهب العامل من داخل الكيبوتس عاملاً حاسماً في منع وقوع مجزرة كبرى.
وأشار التقرير إلى أن الاحتفاظ بالأسلحة داخل منازل أعضاء الفريق ساهم في تسريع الاستجابة الفورية، ما منحهم ميزة حيوية في الساعات الأولى من الهجوم، كما قارن التحقيق بين "إيرز" ومواقع حدودية أخرى تعرضت لهجمات مشابهة، ووجد أن القيادة المحلية والاستعداد الفردي كانا الفارق الرئيسي في تقليل الخسائر البشرية.