نقاط التوزيع في رفح ونيتساريم ساحة حرب لا إغاثة

بقلم نيفين اسليم
ما يجري في نقاط توزيع المساعدات في رفح ونتساريم لا يمتّ للإغاثة بصلة. إنه مشهد  للإذلال الممنهج، حيث الحشود تكتسح المكان بلا طوابير، بلا تنظيم، وبلا أدنى مقومات للكرامة.

تفتح نقاط التوزيع فجأة، دون إعلان مسبق، ودون إشراف محلي، تحت إدارة مباشرة من قوات الاحتلال الإسرائيلي وتنسيق أميركي صارم. الأمر لا يشبه مهمة إنسانية، بل يبدو وكأنه عملية أمنية تنفذ بزي الإغاثة.

في قلب المشهد، نساء يتدافعن وهن يحملن كراتين ثقيلة، بعضهن يسقط أرضا، وبعضهن يجبرن على التنازل عن المساعدة لأقوى منهن. توزع المساعدات بلا قوائم، بلا أرقام ، وبلا رقابة. من يصل أولا يستلم كرتونة ، ومن لا يستطيع الوصول يبقى جائعا.

العدالة غائبة تماما. بعض الأشخاص يستلمون المساعدة مرتين أو أكثر، بينما مئات العائلات تحرم منها تماما لأن أحد أفرادها لم يتمكن من اختراق الحشود. لا أحد يسأل من تسلم ومن لم يتسلم. لا أحد يتأكد إن كانت هذه العائلة قد أكلت أم لا.

النازحون الضعفاء – كبار السن، المرضى، النساء الوحيدات – يكتفون بالمراقبة من داخل الخيام، يعرفون أن الجوع قد كتب عليهم اليوم أيضا. أما المساعدات، فترمى أحيانا على الأرض أو تفرغ من الشاحنات كما لو كانت علفا، بلا اعتبار لكرامة الإنسان.

المشهد برمته يدار في ظل غياب تام للجهات المسؤولة، وتجاهل مريب من المؤسسات الدولية، بينما الاحتلال يراقب مرتاحا من بعيد، كأنما يختبر فاعلية سياسة "التجويع تحت السيطرة .

هذا ليس سوء إدارة عابر، بل سياسة ممنهجة. تجريد الإنسان من كرامته، وتحويل لقمة العيش إلى معركة يومية يخوضها من يصرخ أكثر، بينما يترك من يعجز خلفه جائعا ومنسيا.

نحن لا نطلب معجزات. نطلب أن توزع المساعدات بكرامة. أن يشرف على التوزيع من يعرف الناس حقا ، لا من ينفذ أوامر عسكرية من خلف الشاشات. نطلب فقط أن نعامل كبشر وأن نأكل بكرامة.

البوابة 24