في خضم أزمات متلاحقة تعصف بالمشهد السياسي الإسرائيلي، كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن تطور جديد في محاكمة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حيث أعلن مكتب النائب العام بشكل قاطع رفضه طلب نتنياهو تأجيل أو سحب شهادته التي يفترض أن يدلي بها خلال الأسبوعين المقبلين، في إطار محاكمته الجارية بتهم فساد خطيرة.
رفض رسمي
ووفقًا لما أوردته الإذاعة، أبلغ مكتب النائب العام المحكمة بشكل رسمي بمعارضته أي تغيير في جدول الشهادات، معتبرًا أن شهادة نتنياهو تمثل مرحلة حاسمة في القضية التي تتواصل منذ سنوات، وتثير انقسامًا حادًا داخل كيان الاحتلال.
وتشمل التهم الموجهة لنتنياهو تلقي رشى، وخيانة الأمانة، والاحتيال في عدد من القضايا، من أبرزها "الملف 1000" المتعلق بهدايا فاخرة تلقاها، و"الملف 4000" الذي يتناول تسهيلات حكومية لمصلحة شركات إعلامية مقابل تغطية إيجابية.
ومن جانبه، ينفي نتنياهو، كافة التهم، ويصف المحاكمة بأنها هجوم سياسي يستهدف إقصاءه من المشهد السياسي بالقوة القضائية، مكرراً في أكثر من مناسبة أنها محاولة انقلاب قانونية تدار ضده بدعم من خصومه اليساريين والإعلام.
ترامب يدخل على الخط
في سياق متصل، وجه رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يوم الخميس، شكره العلني للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، عقب تصريحات الأخير التي طالب فيها بوقف محاكمة نتنياهو، واصفًا إياها بأنها "محاكمة غير عادلة وسخيفة".
وكتب نتنياهو عبر منصته الرسمية: "شكرًا لك يا صديقي الرئيس ترمب على دعمك الكبير في هذه المرحلة الحساسة، سنواصل التعاون معًا لمواجهة التهديدات وتحرير مختطفينا".
دعم أمريكي علني
وكان ترامب قد أدلى بتصريحات مثيرة للجدل، اعتبر فيها أن المحاكمة التي يخضع لها نتنياهو منذ عام 2020 هي محاولة ممنهجة لتشويه سمعة أحد أبرز القادة في تاريخ إسرائيل، واصفًا الاتهامات الموجهة إليه بأنها سخيفة إلى حد العبث، مشيرًا ساخرًا إلى أن من بين التهم "سيجار ودمية باغز باني"، ما يشير إلى القضايا التي تناولت هدايا رمزية اعتبرت جزءًا من الرشى.
وأشاد ترامب بنتنياهو ووصفه بـ"المقاتل الشجاع"، مشيرًا إلى أنه حقق إنجازات تاريخية في المعركة ضد البرنامج النووي الإيراني، مؤكدًا أنه كان شريكًا رئيسيًا في تحالف واشنطن – تل أبيب لمواجهة ما وصفه بـ"التهديد الإيراني المتنامي"، وأكد ترامب أن الوقت قد حان لإلغاء هذه المحاكمة أو منح نتنياهو عفوًا فوريًا تقديرًا لما قدمه من خدمات لإسرائيل والولايات المتحدة.
ملف قانوني متفجر
يأتي هذا التصعيد في وقت تعاني فيه حكومة نتنياهو من تحديات متزايدة، على رأسها حرب طويلة ومكلفة في قطاع غزة، إلى جانب توترات إقليمية متفاقمة مع إيران، وانقسامات داخلية حادة.
وتعد شهادة نتنياهو، في حال تمت في موعدها، لحظة فارقة ستحدد ليس فقط مسار المحاكمة، بل ربما مستقبل الرجل السياسي بالكامل.
في المقابل، يعكس موقف النائب العام تمسك المؤسسة القضائية في إسرائيل باستقلالها عن الضغوط السياسية، وسط اتهامات متزايدة من اليمين بمحاولة تسييس القضاء لإسقاط الحكومة.