واشنطن تربط الملفات الإقليمية: مقايضة بقاء نتنياهو بتسوية مشروطة للقضية الفلسطينية

 بقلم: المحامي علي أبوحبله

وفق المتابعين والمحللين وفي ظل المتغيرات العميقة التي فرضتها الحرب الإسرائيلية الإيرانية وتداعياتها على موازين القوى الإقليمية، تتحرك الإدارة الأمريكية نحو مقاربة شاملة تربط ملفات المنطقة ببعضها، في محاولة لصياغة تسويات سياسية تخدم أولاً وأخيراً أمن إسرائيل واستقرار حلفائها في الإقليم وتخدم مصالحها في المنطقة وتهدئ من الغليان في المنطقة

■ المخطط الأمريكي... يقوم على ربط المسارات وتوظيف الأزمات يرى محللون إن واشنطن تسعى لربط مسارات التهدئة مع إيران، واستكمال مشروع التطبيع مع السعودية، وتثبيت ترتيبات أمنية في لبنان وسوريا، مقابل فرض إطار تسوية على الفلسطينيين. هذه التسوية لا تتجاوز كونها مشروعاً لدولة فلسطينية مشروطة، منقوصة السيادة، ومقيدة أمنياً.

■ نتنياهو في قلب المقايضة السياسية ضمن تصريحات ترمب والطلب بإسقاط التهم عن نتنياهو ومنع ملاحقته المعلومات المتقاطعة من دوائر دبلوماسية وسياسية تشير بوضوح إلى مقايضة أمريكية صريحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فحواها: إغلاق ملفات الفساد التي تلاحقه داخلياً. منحه مظلة سياسية أمريكية ودولية للاستمرار في السلطة. مقابل القبول بالخطة الأمريكية التي تتضمن الاعتراف بقيام دولة فلسطينية وفق شروط أمنية صارمة وضمانات إسرائيلية.

■ دولة فلسطينية... تحت سقف الشروط الإسرائيلية جوهر الطرح الأمريكي يتمثل في دولة فلسطينية: منزوعة السلاح. بسيادة مقيدة تحت الهيمنة الأمنية الإسرائيلية. مع بقاء المستوطنات الكبرى تحت السيطرة الإسرائيلية، ووجود قوات دولية تحت إشراف أمريكي وأوروبي. تأجيل قضايا الحل النهائي مثل القدس واللاجئين لمرحلة لاحقة أو معالجتها بصيغة لا تمس بالمطالب الإسرائيلية.

■ السعودية... ورقة الضغط المركزية الرياض، التي تشترط إحراز تقدم حقيقي في الملف الفلسطيني مقابل التطبيع مع إسرائيل، أصبحت طرفاً فاعلاً في دفع واشنطن للضغط على نتنياهو. ومن هنا، تضع الإدارة الأمريكية صفقة التطبيع مع السعودية كجزء من أدوات الضغط لتمرير مخططها في التسوية.

■ التحديات والسيناريوهات المحتملة بحسب المراقبين والمحللين قولهم رغم الزخم الأمريكي، تواجه الخطة تحديات كبيرة: رفض قطاعات واسعة داخل إسرائيل، خاصة اليمين المتطرف، لأي اعتراف بدولة فلسطينية. انعدام الثقة الفلسطينية تجاه واشنطن، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة. حالة الغليان في الأراضي الفلسطينية، التي تجعل فرض أي تسوية لا تلبي الحقوق المشروعة أمراً محفوفاً بالفشل والانفجار. التعقيدات الإقليمية، من الملف الإيراني إلى أزمات لبنان وسوريا واليمن، تزيد من هشاشة أي ترتيبات غير عادلة أو مفروضة.

■ ووفق كل ذلك فإن خلاصة المشهد الإدارة الأمريكية تراهن على صفقة شاملة تُسوّق كإنجاز دبلوماسي لها في المنطقة، لكن المعضلة الحقيقية تكمن في أن هذه الصفقة، كما تظهر ملامحها، تقوم على تأمين إسرائيل ودمجها في الإقليم، دون معالجة جوهر الصراع المتمثل في إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال والسيادة. المقايضة بين ملفات نتنياهو الشخصية وبين حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة ليست فقط معادلة غير أخلاقية، بل وصفة لفشل مؤكد، إن لم تستند لأي مرجعية قانونية عادلة أو قرارات الشرعية الدولية.

البوابة 24