كشفت "القناة 14" العبرية، في تقرير لها اليوم الاثنين، عن تحول لافت في موقف الجيش الإسرائيلي تجاه الخيارات المطروحة لإنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة، حيث أبلغ القيادة السياسية في تل أبيب بتفضيله التوصل إلى اتفاق شامل مع حركة حماس على خوض مغامرة احتلال القطاع بالكامل، لما يحمله الخيار العسكري من تداعيات بشرية واقتصادية وسياسية ثقيلة الوطأة.
الجيش يفضل التسوية السياسية
وفي ظل التصعيد العسكري الكبير الذي شهدته غزة خاصة في هجمات يوم الأحد، أشارت القناة إلى أن قيادة الجيش نقلت رسالة واضحة خلال اجتماع رسمي عقد بمشاركة القيادة السياسية وهيئة الأركان العامة للمنطقة الجنوبية، تم خلاله استعراض نتائج عملية "عربات جدعون"، وهي إحدى أكبر العمليات العسكرية الإسرائيلية الجارية منذ أشهر.
وخلال الاجتماع، طرحت سيناريوهات حاسمة أمام صانعي القرار، تمثلت في خيارين رئيسيين وهما اجتياح القطاع بالكامل وتشكيل إدارة عسكرية إسرائيلية مباشرة، أو التوصل إلى اتفاق سياسي شامل ينهي الحرب ويعيد ترتيب المشهد في غزة.
رفض اجتياح غزة
وبحسب التقرير، فقد حذر مسؤولون عسكريون من أن خيار احتلال غزة يحمل تكلفة بشرية واقتصادية باهظة جدًا تتضمن سيناريوهات لسقوط أعداد كبيرة من الجنود والمدنيين، إضافة إلى متطلبات لوجستية وأمنية ضخمة لإدارة المنطقة بعد السيطرة عليها.
ووصف الجيش هذا الخيار بـ"غير المقبول"، مفضلًا مقاربة تؤدي إلى وقف الحرب دون تورط ميداني شامل يضع إسرائيل في مأزق دولي ومحلي طويل الأمد.
معركة الخيارات أمام القيادة
تصف القناة المرحلة الحالية بأنها "الاختبار الكبير" للحكومة الإسرائيلية، إذ تقف أمام مفترق طرق حاسم، فإما السير في طريق التسوية، وهو ما قد يبقي حماس كقوة موجودة في غزة وإن بشكل محدود، أو خوض معركة الاحتلال الكامل في مسعى لتحقيق ما تصفه بعض الأوساط الأمنية بـ"النصر الحاسم"، حتى لو كان الثمن فادحًا.
ويرى مراقبون أن الخيار الثاني قد يبدو مغريًا لبعض أركان الحكومة الإسرائيلية الساعين إلى تحقيق نصر سياسي داخلي، لكن القيادة العسكرية تقف في الاتجاه المعاكس مؤكدة أن الحرب المفتوحة لا تعني بالضرورة نصرًا مضمونًا، بل قد تفتح أبوابًا لمخاطر أعقد على المدى البعيد.
الجيش يسيطر على 60% من غزة
وبحسب القناة، فإن الجيش الإسرائيلي يسيطر حاليًا على نحو 60% من أراضي قطاع غزة، ويتوقع أن يوسع رقعة سيطرته إلى 80% خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، مع اقتراب المرحلة الأخيرة من العملية العسكرية.
لكن هذا التقدم الميداني، وإن كان كبيرًا، لا يبدو كافيًا لإقناع القيادة العسكرية بالمضي نحو احتلال كامل للقطاع، خاصة في ظل التحذيرات من صعوبة إدارة السكان، وتنامي المقاومة الشعبية، وانهيار البنية التحتية في حال تم تنفيذ هذا الخيار.
حسابات جديدة
تأتي هذه التطورات بينما تُواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا داخلية وخارجية متصاعدة لوقف الحرب، في وقت تتراكم فيه الخسائر الاقتصادية والتكاليف السياسية المرتبطة بالحرب، كما يتزايد القلق من تدهور صورة إسرائيل عالميًا مع استمرار العمليات ضد المدنيين في غزة.
وتشير مصادر عبرية إلى أن الجيش يحاول الآن دفع القيادة السياسية نحو تبني حل سياسي مدروس يضمن إنهاء العمليات دون السقوط في فخ الاحتلال الكامل، وهو ما يعد تغييرًا مهمًا في منطق التوازن بين السياسة والعسكر داخل المؤسسة الإسرائيلية.