تل أبيب تراجع حساباتها وتدرس تصعيد جديد ضد القاهرة.. ما علاقة سيناء؟

حقل غاز
حقل غاز

أثارت تقارير إعلامية إسرائيلية حديثة موجة من النقاش داخل الأوساط السياسية والاقتصادية في تل أبيب، تطالب بوقف تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، رغم استئناف الإمدادات بشكل كامل الأسبوع الماضي. 

وتأتي هذه الدعوات في ظل تنامي التوترات الإقليمية ومخاوف بعض الجهات الإسرائيلية من فقدان ورقة ضغط استراتيجية.

وفي تقرير نشره موقع "ناتسيف نت"، تم تسليط الضوء على أن استمرار تصدير الغاز إلى القاهرة يقلل من نفوذ إسرائيل السياسي خصوصًا في ما يتعلق بملف سيناء.

وادعى التقرير أن القوات المصرية كثفت من وجودها العسكري في شبه الجزيرة، وهو ما تعتبره إسرائيل انتهاكًا لبنود اتفاقية كامب ديفيد التي تنص على ترتيبات أمنية محددة.

تداعيات توقف الإمدادات

واعتبرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن فترة التوقف المؤقت للغاز التي وقعت خلال التصعيد العسكري مع إيران في أواخر يونيو، كشفت عن مدى اعتماد مصر على الغاز الإسرائيلي، وأشارت التقارير إلى أن توقف الإمدادات أدى إلى تعطيل عدد من الصناعات الحيوية، وعلى رأسها مصانع الأسمدة التي تعتمد على الغاز كمصدر طاقة أساسي.

وأوضحت التقارير أن الحكومة المصرية اضطرت خلال تلك الفترة إلى تفعيل خطط طوارئ للتعامل مع الأزمة، شملت تقليص الإمدادات المخصصة للمناطق الصناعية، والتحول إلى استخدام الوقود البديل مثل الديزل في محطات توليد الكهرباء. 

كما سعت مصر إلى تغطية العجز من خلال استيراد كميات إضافية من دول أخرى، إلا أن التأثير السلبي على القطاع الصناعي ظل ملموسًا.

الحفاظ على احتياطي الغاز

وفي السياق ذاته، نشر موقع "Bizportal" الاقتصادي تقريرًا يطرح تساؤلات حول مدى جدوى تصدير الغاز من حيث المصلحة الوطنية طويلة الأمد، ودعا التقرير إلى إعادة النظر في سياسات التصدير، مشيرًا إلى ضرورة الاحتفاظ بجزء أكبر من الإنتاج للاستهلاك المحلي الإسرائيلي، ولضمان وفرة الاحتياطات للأجيال القادمة، بدلًا من الاستمرار في تزويد كل من مصر والأردن بكميات كبيرة.

ورغم الانتقادات، أقر التقرير ذاته بأهمية العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية المجاورة، معتبرًا أن اتفاقيات تصدير الغاز مع مصر والأردن تفتح أبوابًا واسعة للتعاون الإقليمي، وتسهم في دعم الأجندة الأمنية الإسرائيلية خاصة من خلال التنسيق الاستخباراتي واللوجستي.

كما أشار التقرير إلى أن استمرار هذا التعاون قد يساعد إسرائيل في ملفات حساسة، أبرزها التوسط في صفقات تبادل الأسرى مع حركة حماس، إضافة إلى تحسين صورتها أمام بعض العواصم الدولية كمزود طاقة مسؤول.

عودة الإمدادات بعد التصعيد

وفي أعقاب التهدئة التي أعقبت التصعيد مع إيران، عاد تدفق الغاز الإسرائيلي من حقلي "ليفياثان" و"كاريش" تدريجيًا إلى مستوياته الطبيعية ليبلغ نحو مليار قدم مكعب يوميًا، وتستفيد مصر من هذه الكميات في تغطية جزء من الطلب المحلي، بينما تعيد تصدير الفائض من خلال منشآتها المتطورة لتسييل الغاز محققة بذلك أرباحًا ضخمة.

وتعكس الدعوات الإسرائيلية المتكررة لوقف أو تقليص صادرات الغاز لمصر وجود انقسام داخلي بين تيارين؛ أحدهما يرى في الغاز أداة ضغط سياسي واقتصادي يجب استخدامها في القضايا الخلافية مثل سيناء، والآخر يحذر من أن اتخاذ مثل هذه الخطوة قد يؤدي إلى تدهور العلاقات مع شريك إقليمي محوري، ويؤثر سلبًا على استقرار المنطقة وتوازناتها.

في المقابل، تواصل إسرائيل تطوير بنيتها التحتية في مجال الطاقة، مع خطط لتوسيع إنتاجها من الغاز في حقول جديدة، بهدف تلبية الطلب المحلي والإقليمي معًا، خاصة في ظل استمرار التعاون الاستراتيجي مع مصر والأردن.

روسيا اليوم