تستعد تل أبيب وواشنطن لواحدة من أكثر الزيارات حساسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعلى الرغم من أن الإعلان الرسمي يصفها بـ "حوارًا سياسيًا وأمنيًا"، فإن صحيفة معاريف الإسرائيلية تشير إلى أن ما يجري خلف الكواليس قد يفضي إلى قرار حاسم بشأن مسار الحرب المستمرة في غزة، بتعقيداتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، بل وربما بمستقبل نتنياهو السياسي ذاته.
نتنياهو يؤكد زيارته إلى واشنطن
وفي هذا الإطار، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الثلاثاء، أنه سيتوجه الأسبوع المقبل إلى الولايات المتحدة لعقد سلسلة من الاجتماعات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعدد من كبار المسؤولين الأميركيين.
وقال "نتنياهو"، في مستهل اجتماع مجلس الوزراء: "من المتوقع أن أغادر الأسبوع المقبل إلى الولايات المتحدة لعقد اجتماعات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونائب الرئيس جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، وممثل الرئيس لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ووزير التجارة".
وأشار "نتنياهو"، إلى أن "هناك بعض المسائل التي ينبغي إنجازها قبل تلك الزيارة، من أجل التوصل إلى اتفاقية تجارية، علاوة على قضايا أخرى"، لافتًا إلى أنه سيعقد أيضًا اجتماعات مع رئيسي مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وكذلك "اجتماعات أمنية لن أخوض في تفاصيلها الآن".
كما أوضح "نتنياهو": "تأتي هذه الاجتماعات في أعقاب النصر الكبير الذي حققناه في عملية 'الأسد الصاعد'، مشددًا على أن استغلال النجاح لا يقل أهمية عن تحقيقه".
رسائل ما قبل اللقاء
والجدير بالإشارة أن التحضيرات قد بدأت فعليًا مع وصول وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر إلى واشنطن، حاملاً رسائل دقيقة قبل بدء محادثات مرتقبة في البيت الأبيض، يراد منها التمهيد للقاء مباشر بين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب في مطلع الأسبوع المقبل، لقاء قد يعيد رسم أولويات السياسة الإسرائيلية ويمنحها غطاءً دوليًا.
الهدنة في غزة
وأصبحت المصلحة الأميركية واضحة؛ وهي وقف فوري لإطلاق النار في غزة يمتد لـ60 يومًا على الأقل، يتيح فرصة لصفقة تبادل أسرى.
أما على الجانب إسرائيلي، فهذا المطلب يمثل تحولًا عميقًا: فبعد شهور من رفع شعار "القضاء على حماس دون تفاوض"، ثمة انفتاح على سيناريو تسوية تتضمن شروطًا لإنهاء الحرب، في ظل رغبة أميركية قوية بتوجيه المسار نحو تسوية نهائية لا تُفضي إلى جولة قتال جديدة.
وقد أدرك نتنياهو أن ساحة الحرب تحولت إلى عبء سياسي داخلي، يستخدم الزيارة لتأطير هذا التحول في صورة شراكة استراتيجية مع أعظم قوة في العالم، مختارًا أن يظهر بمظهر من يصنع القرار لا من ينساق خلفه، خاصة مع تصاعد الضغط الشعبي عليه.
إيران.. ورغبة في التأثير
وتجدر الإشارة إلى أن الملف الإيراني حاضر بدوره، إذ ترى إسرائيل أن الولايات المتحدة تتجه نحو استئناف الحوار مع طهران، سواءً بهدف تقارب دبلوماسي أو احتمال تصعيد جديد، وفي الحالتين، تسعى تل أبيب لأن تكون شريكًا فاعلًا لا مجرد متفرج، مطالبةً بأن يكون لها رأي وتأثير مباشر في صياغة القرارات، لا سيما فيما يتعلق بالأمن الإقليمي.
لهذا السبب، يحرص نتنياهو على عقد حوار مباشر مع ترامب دون وسطاء، في المكتب البيضاوي تحديدًا، فديناميكيات الشرق الأوسط قابلة للتغير في لحظة، وإسرائيل لا ترغب في أن تكون خارج غرفة التحكم، خصوصًا في لحظات إعادة توزيع النفوذ والتحالفات.
سوريا ضمن الصفقة
وفي السياق ذاته، فأن الملف السوري يظهر بشكل مفاجئ في المحادثات، حيث يتطلع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى إنجاز ملموس وسريع، يضع سوريا نصب عينيه، لا سيما مع ما يقال عن توجه الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع إلى طلب رفع العقوبات.
كما تعتقد واشنطن أنها فرصة لا تفوت، للوصول إلى اتفاق سلام بين سوريا وإسرائيل قد يكون بوابة لتخفيف العقوبات، في مقابل اندماج سوري أوسع في المنظومة الإقليمية، ومن هنا، شجع ترامب الشرع على الانضمام إلى "اتفاقيات إبراهيم"، في مسعى واضح لإعادة تشكيل التحالفات.
تطبيع عملي لا رمزي
والجدير بالذكر أن الهدف الأميركي، لا مزيد من "مراسم السلام"، بل اتفاق حقيقي تمنح فيه سوريا ترقية سياسية، وتكسب إسرائيل اعترافًا واضحًا بسيادتها على الجولان وسلامًا حدوديًا طويل الأمد، أما نتنياهو، فيبدو أنه يراهن على أن يكون هذا الاتفاق حجر الأساس لإنقاذ مستقبله السياسي، داخليًا وخارجيًا.