تدخل مفاوضات صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس مرحلة حساسة وحاسمة، في ظل تصاعد التحذيرات الإسرائيلية من احتمال فشلها، وممع استمرار التعثر في التوصل إلى اتفاق نهائي، بدأت تل أبيب تلوح بخيارات ميدانية أكثر تصعيداً، تشمل تنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق في قلب مدينة غزة، وسط تأكيدات أمنية بأن الضغط العسكري قد يكون الوسيلة الوحيدة لتحريك الجمود التفاوضي.
مرحلة حرجة من المفاوضات
بحسب تقرير نشره موقع "والا" العبري صباح الأحد، فإن الأوساط السياسية والأمنية في إسرائيل تتعامل بقلق متزايد مع تباطؤ التقدم في ملف الأسرى، فرغم ما وصفته المصادر بـ"الرسائل الإيجابية جداً" التي وردت من الأطراف المعنية بالمفاوضات، لا يزال غياب الاختراق الحقيقي يخيّم على الأجواء.
ويبدو أن الجانبين – حماس وإسرائيل – لديهما رغبة مشتركة في الوصول إلى صيغة اتفاق، إلا أن الخلافات القائمة ما زالت بحاجة إلى ضغط فعال من الوسطاء خلال الساعات المقبلة، بحسب ما نقل الموقع عن مصادر سياسية مطلعة.
إسرائيل تلوّح بالمناورة العسكرية
تؤكد مصادر سياسية إسرائيلية أن القيادة في تل أبيب لا تنوي الانتظار طويلاً على طاولة المفاوضات، وفي حال تعثرت المحادثات، فإن السيناريو البديل سيكون تكثيف العمليات العسكرية، بما في ذلك تنفيذ "مناورة كبرى" في عمق مدينة غزة.
وتتضمن الخطة العسكرية الإسرائيلية نقل السكان من المدينة نحو جنوب القطاع، وتطويق مناطق مركزية مثل مخيمات اللاجئين ودير البلح، بهدف عزل مسارح القتال، وتضييق الخناق على المقاتلين داخل المدينة.
تصعيد ميداني منظم ومتدرج
وفقًا لما أوردته مصادر عسكرية لموقع "والا"، فإن الجيش الإسرائيلي لا يعتمد على توقيت موحد لبدء الهجوم الواسع، بل ينفذ عمليات ميدانية متدرجة تعتمد على عنصر المفاجأة والخداع، مع تقييم مستمر للأوضاع الميدانية لتقليل المخاطر على قواته.
وترتكز الخطة العسكرية الحالية على خمسة محاور رئيسية للفصل والضغط داخل القطاع، وهي: ممر فيلادلفيا، منطقة موراج، محور نتساريم، منطقة كاريرا، إضافة إلى جباليا وبيت لاهيا في شمال غزة، حيث تدور اشتباكات عنيفة منذ أيام.
معارك طاحنة في بيت حانون
من أبرز نقاط التوتر العسكري، المعارك الجارية في بيت حانون، حيث تخوض القوات الإسرائيلية اشتباكات عنيفة ضد كتيبة محلية تابعة لحماس تتمركز داخل شبكة معقدة من الأنفاق تحت الأرض، ويقود هذه الكتيبة عدد من المقاتلين المحصنين جيداً، ما يجعل المواجهة بالغة الصعوبة.
وترى القيادة العسكرية الإسرائيلية أن حسم هذه المعركة يمثل أولوية كبرى، نظراً لتأثيرها المباشر على أمن الحدود، وعلى مدينة سديروت القريبة، ويعتقد قادة الجيش أن القضاء على قائد هذه الكتيبة سيوجه ضربة نفسية كبيرة لعناصر حماس في المنطقة الشمالية.
وفي سياق متصل، كشف وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس عن أن العمليات الهندسية في بيت حانون تسببت في دمار واسع نتيجة تفجير الأنفاق والبنى التحتية العسكرية التابعة لحماس.
القتال مستمر في جباليا
تشهد جباليا – التي تنقسم إلى المدينة، النزلة، القرية، والمخيم – قتالاً متواصلاً منذ أكثر من أسبوع، وتتركز عمليات الجيش الإسرائيلي على تطهير المناطق من وجود حماس، خصوصاً في المناطق السكنية والمباني التي تحتوي على ممرات تحت الأرض.
وتعتبر السيطرة الكاملة على جباليا خطوة استراتيجية تمهد الطريق نحو اقتحام مركز مدينة غزة، كما تسهل إغلاق المحاور الشمالية الحيوية من القطاع، وتمنع تدفق الإمدادات لحماس في بيت لاهيا وبيت حانون.
سلاح الجو الإسرائيلي يكثف غاراته
في موازاة العمليات البرية، واصل سلاح الجو الإسرائيلي شن غارات مكثفة خلال الأيام الأخيرة، مستهدفاً مواقع حيوية في دير البلح، وأحياء متفرقة داخل مدينة غزة، بالإضافة إلى حي الزيتون، منطقة المعاصي جنوب القطاع، ومدينة خان يونس.
وتهدف هذه الضربات الجوية إلى إنهاك البنية العسكرية لحماس، وتدمير مخازن الأسلحة والتحصينات، تمهيداً لأي هجوم بري محتمل قد يطال المناطق المكتظة داخل المدينة.
تكتيك "الكماشة" جنوب غزة
في جنوب مدينة غزة، ينفذ الجيش الإسرائيلي خطة هجومية تعرف بـ"أسلوب الكماشة"، حيث يجري حصر مقاتلي حماس في مساحات محدودة لإلحاق خسائر فادحة في صفوفهم، وترافقت هذه التحركات مع عمليات هندسية دقيقة لتفكيك شبكة الأنفاق التي تشكل أحد أهم أدوات المناورة لدى حماس.
ويأمل الجيش من خلال هذه الاستراتيجية أن يجبر المقاتلين على الخروج من مخابئهم إلى سطح الأرض، حيث يكونون عرضة للغارات الجوية والهجمات البرية المباشرة، في إطار محاولة شاملة لإضعاف القدرات القتالية للحركة.