أزمة خانقة.. بيان هام من المالية بشأن صرف رواتب الموظفين

شيكل اسرائيلي
شيكل اسرائيلي

في ظل تصاعد الضغوط الاقتصادية وتفاقم الأزمة المالية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية، أكد المحاسب العام في وزارة المالية الفلسطينية، محمد ربيع، أن الجهات المختصة داخل الوزارة تواصل دراسة سلسلة من البدائل التي من شأنها تأمين صرف الرواتب وضمان استمرارية تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وذلك بعد أكثر من شهرين من تجميد الاحتلال الإسرائيلي تحويل أموال المقاصة التي تعد العمود الفقري للإيرادات الفلسطينية.

وأوضح ربيع في تصريحات إذاعية أدلى بها لـ"صوت فلسطين"، أن الأزمة المالية دخلت مرحلة حرجة، وأن الجهود الحالية تتركز على كيفية توفير السيولة النقدية في ظل الحصار المالي المفروض، مشيراً إلى أن الحكومة تفك، في اللجوء مجددًا إلى الاقتراض من المصارف المحلية كأحد الخيارات المطروحة، رغم أن السلطة الفلسطينية قد تجاوزت بالفعل سقف الاقتراض المتاح من تلك البنوك، والذي بلغ حتى الآن نحو 3 مليارات دولار، ما يزيد من تعقيد الوضع المالي برمّته.

أزمة تتعمق

وفيما يتعلق بأموال المقاصة، أكد ربيع أن وزارة المالية الإسرائيلية لا تزال ترفض تحويل المستحقات المالية التابعة للسلطة، رغم كل الضغوط والاتصالات التي تجريها جهات دولية مختلفة لحث الاحتلال على الالتزام بالاتفاقات الاقتصادية الموقعة، وعلى رأسها اتفاق باريس الاقتصادي.

وأضاف ربيع أن هناك تحركًا دوليًا مستمرًا لمحاولة إنهاء هذا الوضع، لكن لا توجد حتى الآن أي بوادر حقيقية لتحوّل قريب في موقف الجانب الإسرائيلي.

 وأشار إلى أن هذه الممارسات تمثل قرصنة مالية منظمة تمارسها إسرائيل بحق الأموال الفلسطينية، وتعطل بشكل مباشر قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه المواطنين.

الرواتب رهن التوفر

وفي سؤال حول موعد صرف الرواتب للموظفين العموميين، أوضح ربيع أن وزارة المالية ستقوم بذلك بمجرد توفر الأموال في الخزينة، مشددًا على أن نسبة الصرف ستكون مرهونة بالإمكانات المالية المتاحة، وهذا يعني أن سيناريو صرف نسبة جزئية من الراتب لا يزال مطروحًا، كما حدث في أشهر سابقة خلال أزمات مالية مشابهة.

هذه السياسة المالية، وإن كانت اضطرارية، فإنها تثير مخاوف آلاف الموظفين الذين يعتمدون على رواتبهم كمصدر دخل أساسي، وسط ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية.

أهمية المقاصة

وتطرق ربيع إلى أهمية أموال المقاصة كمصدر حيوي للإيرادات الفلسطينية، موضحًا أنها تمثل في الوضع الطبيعي ما يقارب 70% من دخل وزارة المالية، بكن هذه النسبة تراجعت بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة، لتصل إلى 40% فقط، وذلك نتيجة الاقتطاعات الإسرائيلية أحادية الجانب التي بدأت منذ سنوات، وتوسعت بشكل أكبر خلال العامين الأخيرين.

وبحسب ربيع، فإن الاحتلال الإسرائيلي بدأ في عام 2019 باقتطاع الأموال التي تخصصها الحكومة الفلسطينية كمخصصات لأسر الشهداء والأسرى، وهي سياسة هدفها الضغط على السلطة ووصم هذه المخصصات بدعم ما تسميه إسرائيل "الإرهاب".

ومع مطلع عام 2023، وسع الاحتلال سياسة الاقتطاع لتشمل كذلك مخصصات قطاع غزة، ما أدى إلى مزيد من الانخفاض في الأموال المحوّلة، وزيادة الضغط على الخزينة العامة.

خسائر فادحة

وبالأرقام، كشف المحاسب العام أن إجمالي الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة الفلسطينية قد تجاوزت 8.5 مليار دولار منذ بدء هذه السياسة عام 2019، ما يشكل ضربة قاسية للموازنة الفلسطينية التي تعاني أساسًا من عجز مزمن.

هذا الرقم الكبير يعكس حجم الخسائر المالية التي تكبدتها السلطة، والتي لم تعوض بأي شكل فعال من قبل المانحين الدوليين أو الدول العربية، مما أدى إلى تفاقم العجز المالي وازدياد الاعتماد على التمويل المحلي قصير الأجل، وهو ما يجعل النظام المالي الفلسطيني هشًا وعرضة للانهيار في حال استمر الحصار المالي لفترة أطول

وكالات