أعلن الزعيم الدرزي البارز الشيخ يوسف جربوع، مساء الأربعاء، التوصل إلى اتفاق شامل مع الحكومة السورية بشأن الأوضاع المتوترة في محافظة السويداء، يقضي بوقف العمليات العسكرية وإنهاء مظاهر السلاح المنتشر خارج مؤسسات الدولة.
وجاء الاتفاق بعد أسابيع من التصعيد العنيف في المحافظة ذات الغالبية الدرزية، ويمثل خطوة مهمة نحو تهدئة الأوضاع وإعادة دمج السويداء بالكامل في الدولة السورية.
انسحاب القوات الحكومية
وفي أولى خطوات تنفيذ الاتفاق، أعلنت وزارة الدفاع السورية مساء الأربعاء انسحاب الجيش العربي السوري بالكامل من محافظة السويداء، وذلك بعد الانتهاء من تمشيط المدينة من المجموعات الخارجة عن القانون، وفق البيان الرسمي.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وشهود عيان صباح الخميس، أن القوات الحكومية غادرت بالفعل مواقعها داخل المدينة، ما يشير إلى التزام مبدئي من الطرفين ببنود الاتفاق.
أبرز بنود الاتفاق
تضمن الاتفاق عددًا من البنود الأساسية التي تعكس رغبة في التهدئة وتحقيق الاستقرار، وأبرزها:
- وقف فوري وشامل لجميع العمليات العسكرية، والتزام كل الأطراف بوقف التصعيد داخل المحافظة.
- تشكيل لجنة مراقبة مشتركة لمتابعة تنفيذ وقف إطلاق النار وضمان الالتزام به.
- تنظيم وحصر السلاح الثقيل، بهدف إنهاء مظاهر التسلح خارج مؤسسات الدولة الرسمية.
- الاندماج الكامل لمحافظة السويداء ضمن الدولة السورية، إداريًا وأمنيًا ومؤسساتيًا.
- إعادة تفعيل مؤسسات الدولة في جميع مناطق المحافظة، بما في ذلك الجهات الأمنية والخدمية.
- تشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق حول الانتهاكات والجرائم التي وقعت خلال فترة الاقتتال.
- تأمين طريق دمشق – السويداء وضمان سلامة المسافرين، في خطوة لإعادة الحياة الطبيعية والحركة بين المحافظتين.
حصيلة دموية لأعمال العنف
بحسب المرصد السوري، فقد أدت أعمال العنف الطائفية والمواجهات المسلحة التي اندلعت خلال الأسابيع الماضية إلى مقتل أكثر من 360 شخصًا في السويداء، في حصيلة دموية غير مسبوقة في المحافظة.
وتوزعت الأعداد كما يلي:
- 79 مقاتلًا درزيًا لقوا مصرعهم خلال الاشتباكات.
- 55 مدنيًا قتلوا في تبادل النيران والقصف.
- 189 عنصرًا من القوات الأمنية السورية لقوا حتفهم.
- 18 مسلحًا من البدو قضوا في صراعات مسلحة مع المجموعات الدرزية.
- 15 عنصرًا من الأمن السوري قُتلوا نتيجة غارات إسرائيلية خلال فترة التصعيد.
انقسام داخل الطائفة الدرزية
رغم التوصل إلى الاتفاق، أبدى الزعيم الروحي الأعلى لطائفة الموحدين الدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، رفضه القاطع لبنوده، معتبرًا أن القتال سوف يستمر حتى تحرير كامل السويداء من الهيمنة الحكومية، حسب تعبيره.
وأضاف الهجري أن الاتفاق لا يمثل الطائفة بأكملها، وهو ما فتح باب الانقسام بين القيادات الدرزية حول أسلوب التعامل مع الدولة السورية.
جربوع يرد
ردًا على موقف الشيخ الهجري، قال الشيخ يوسف جربوع في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية": "نحترم موقفه الرافض للاتفاق، لكنه لا يملك حق مصادرة رأينا، فالاتفاق تم بإرادة جماعية ونحن نسعى لحماية السويداء لا لإغراقها بمزيد من الدماء".
وأشار إلى أن الاتفاق يمثل صوت العقل والحكمة في مواجهة احتمالات الانهيار الكامل، لافتًا إلى أن القبول بالتفاوض لا يعني التنازل عن كرامة أبناء السويداء أو مطالبهم المشروعة.
الجيش يغادر السويداء
وبحسب بيان وزارة الدفاع، جاء انسحاب الجيش من السويداء في سياق تنفيذ الاتفاق المبرم، بعد الانتهاء من "تمشيط المدينة" وضبط الجماعات المسلحة غير المنضبطة.
إلا أن مراقبين يرون أن الانسحاب لا ينهي فعليًا كل مظاهر التوتر، خصوصًا في ظل وجود رفض داخل جزء من المجتمع الدرزي، واستمرار التهديدات الإقليمية، خاصة الغارات الإسرائيلية التي استهدفت عناصر من الأمن السوري مؤخرًا.