كشف الدكتور عباس شراقي، خبير الجيولوجيا والموارد المائية، عن تفاصيل المشروع المصري الإماراتي المشترك لتوفير مياه محلاة من مصر إلى جنوب قطاع غزة، موضحًا أنه الأضخم من نوعه في المنطقة من حيث الحجم والأهمية الإنسانية.
وأكد شراقي أن القطاع يعاني من أزمة مياه خانقة منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023، بعد أن فرض الاحتلال سيطرته الكاملة على مصادر المياه المحدودة سواء كانت جوفية أو سطحية، وهو ما جعل الحصول على كوب ماء نظيف يمثل تحديًا يوميًا لأهالي غزة.
دمار شامل للبنية التحتية
أشار شراقي إلى أن البنية التحتية المائية في قطاع غزة قد تدمرت بنسبة كبيرة جدًا، مما أدى إلى تفاقم الكارثة الإنسانية.
وأوضح أن المشروع المشترك بين مصر والإمارات يمكن أن يساهم في التخفيف من الأزمة ولو جزئيًا في ظل الظروف المأساوية الحالية، لكنه حذر في الوقت ذاته من أن الجانب الإسرائيلي قد يعرقل تنفيذ المشروع كما فعل مرارًا مع مشاريع إنسانية سابقة.
موقف عربي داعم
لفت الخبير المصري إلى أن دعم مصر والإمارات لغزة ليس بالأمر الجديد، بل هو استمرار لجهود إنسانية طويلة شملت المساعدات الغذائية والطبية واللوجستية.
ومع ذلك، أكد شراقي أن ضمان نجاح هذا المشروع يتطلب توحيد الضغط العربي والدولي على إسرائيل، لضمان عدم عرقلته وفتح الممرات اللازمة لتدفق المياه المحلاة.
وأضاف أن الحل الجذري لأزمة المياه في القطاع لا يمكن أن يتحقق دون وقف العدوان الإسرائيلي فورًا، والبدء في إعادة إعمار شاملة للبنية التحتية المدمرة.
الفارس الشهم 3
من جهته، قال شريف النيرب، المسؤول الإعلامي لعملية "الفارس الشهم 3" في غزة، إن مشروع المياه المحلاة يمثل امتدادًا لنهج الإمارات في دعم الشعب الفلسطيني، وليس مجرد استجابة ظرفية لأزمة طارئة.
وأشار النيرب، إلى أن الإمارات كانت دائمًا في طليعة الدول الداعمة لقطاع غزة في ملف المياه، من خلال إنشاء محطات التحلية، وتوفير صهاريج المياه، وحفر الآبار، وصيانة شبكات التوزيع، مؤكدًا أن المشروع الجديد يركز على تأمين مياه شرب نظيفة للمناطق الجنوبية الأكثر تضررًا جراء الحرب.
تفاصيل المشروع
يهدف المشروع إلى تأمين 15 لترًا من المياه المحلاة يوميًا لكل شخص، وهو ما يكفي لتلبية الحد الأدنى من احتياجات الشرب اليومية لحوالي 600 ألف نسمة من سكان غزة المتضررين، وخاصة في جنوب القطاع.
وتكتسب هذه الخطوة أهمية خاصة في ظل ما أظهرته التقارير الدولية من أن أكثر من 80% من مرافق المياه في غزة قد دمرت بسبب القصف الإسرائيلي، ما أدى إلى تلوث معظم الآبار الجوفية بمياه الصرف الصحي ومياه البحر، وتحول مساحات واسعة من غزة إلى مناطق غير صالحة للاستخدام الآدمي.
عقبات تقنية وسياسية
وبحسب ما أوضحه النيرب، فإن المشروع يواجه تحديات جسيمة ليس فقط بسبب الدمار، بل أيضًا بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض على إدخال المواد الضرورية لإصلاح شبكات المياه، مما يضعف قدرة سكان غزة على الصمود.
وتعد المياه المحلاة المنقولة من مصر حاليًا طوق نجاة إنساني في وقت تتعثر فيه جهود إعادة التأهيل، وتستخدم المعونات الدولية كورقة ضغط سياسية، تحرم منها مناطق كاملة بسبب الإجراءات الإسرائيلية التعسفية.