في تطور سياسي لافت يعكس تصاعد المواقف المتشددة داخل إيران تجاه الغرب، أعلن النائب البرلماني الإيراني حميد رسائي، أحد رموز التيار الأصولي المحافظ، عن تقديم مشروع قانون عاجل يحمل صفة "أولوية مزدوجة"، يُلزم الحكومة الإيرانية بعدم الدخول في أي مفاوضات أو تعاون مع الولايات المتحدة أو الترويكا الأوروبية، أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، إلا بشرط واضح يتمثل في رفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
وجاء هذا الإعلان خلال جلسة علنية للبرلمان صباح الثلاثاء، حيث أكد رسائي أن المشروع يندرج ضمن إطار الرد الإيراني على "الجرائم الوحشية" المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين وخاصة النساء والأطفال في القطاع المحاصر.
رسالة إلى الغرب
أوضح رسائي في كلمته أمام البرلمان أن هذا المشروع لا يعبر فقط عن موقف شخصي أو فئة سياسية، بل يعكس رفضًا شعبيًا واسعًا داخل إيران لأي نوع من العلاقات أو التفاهمات مع من وصفهم بـ"الرعاة الدوليين للعدوان على غزة".
وقال: "لا يمكن أن نجري حوارًا دبلوماسيًا مع أطراف تغطي الجرائم وتصم آذانها عن المجازر التي ترتكب يوميًا في غزة".
وأضاف أن المشروع يستهدف ربط أي تحرك دبلوماسي أو فني – خصوصًا في الملف النووي – بتطورات ملموسة على الأرض تخدم القضية الفلسطينية، معتبرًا أن استمرار الغرب في دعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا يجعل من أي مفاوضات مستقبلية "تنازلًا عن المبادئ".
الملف النووي ضمن القيود
تضمن المشروع المقدم بندًا صريحًا يقضي بوقف التعاون الإيراني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما لم يتم اتخاذ خطوات دولية حقيقية لرفع الحصار عن غزة.
وتعد هذه الخطوة تصعيدًا غير مسبوق، كونها تربط الملف النووي الإيراني – أحد أبرز ملفات الصراع مع الغرب – بالأزمة الإنسانية في غزة، مما يعكس رغبة طهران في استخدام أوراقها الاستراتيجية للضغط على القوى الغربية.
وفي هذا السياق، وصف رسائي هذا الربط بأنه "تعبير عن الالتزام السياسي والأخلاقي لإيران تجاه الشعب الفلسطيني"، وليس مجرد خطوة تكتيكية، مؤكدًا أن بلاده لن تسمح بأن تستخدم أدواتها التفاوضية بينما يسفك الدم الفلسطيني دون محاسبة.
دعم برلماني واسع وتوجه للتصعيد
أكد رسائي أن المشروع نال تأييد عدد من النواب داخل مجلس الشورى الإيراني، خاصة من الكتل ذات التوجه الأصولي، مما يعزز فرص إدراجه قريبًا على جدول أعمال البرلمان للمناقشة والتصويت.
وأشار إلى أن هذه المبادرة تأتي ردًا على صمت القوى الكبرى حيال المجازر المستمرة بحق أهل غزة، متهمًا الغرب باتباع سياسة الكيل بمكيالين، وتغليب المصالح الاستراتيجية على القيم الإنسانية.
ولفت إلى أن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام هذا الصمت، مؤكدًا أن إيران ستستخدم أدواتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية في خدمة الشعب الفلسطيني المظلوم.