لندن تتحدى تل أبيب.. الاعتراف بفلسطين مقابل تنفيذ هذه الشروط

ستارمر
ستارمر

في موقف سياسي أثار موجة من التفاعل الدولي، رفضت الحكومة البريطانية اتهامات وجهت إليها بأنها تكافئ حركة "حماس" بسبب إعلانها خططاً للاعتراف بدولة فلسطينية، في حال عدم اتخاذ إسرائيل خطوات ملموسة لتحسين الوضع الإنساني في غزة وتحقيق تقدم فعلي في مسار السلام.

وأكدت وزيرة النقل البريطانية هايدي ألكسندر -التي أوكلت إليها مهمة الرد على الانتقادات- أن هذا التوجه لا علاقة له بدعم حماس، بل هو استجابة لمعاناة إنسانية غير مسبوقة يشهدها قطاع غزة، خاصة مع تزايد مشاهد الأطفال الذين يعانون من الهزال وسوء التغذية.

وقالت ألكسندر في مقابلة إذاعية مع محطة "LBC" البريطانية: "هذه ليست مكافأة لحماس، بل تتعلق بحماية الأطفال الذين يموتون جوعاً في غزة، حماس منظمة إرهابية بشعة ارتكبت جرائم فظيعة، لكن هذا القرار يخص مستقبل الشعب الفلسطيني ككل، وليس جماعة مسلحة".

تحذيرات من كارثة إنسانية

وسط هذه التوترات، أطلق "المرصد العالمي للجوع" تحذيراً شديد اللهجة، محذراً من مجاعة وشيكة تضرب غزة، داعياً لاتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ الأرواح، والصور الصادمة التي انتشرت خلال الأيام الماضية لأطفال أنهكهم الجوع أثارت تعاطفاً دولياً واسعاً، وأعادت تسليط الضوء على حجم الكارثة الإنسانية في القطاع المحاصر.

وأشارت تقارير أممية وطبية إلى أن أعداد الوفيات بسبب نقص الغذاء والماء في تزايد، خاصة بين الفئات الأكثر ضعفاً مثل الأطفال والمرضى وكبار السن.

إسرائيل ترد على ستارمر

رد فعل إسرائيل جاء سريعاً، حيث رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي الانتقادات البريطانية، معتبراً أن رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر "يكافئ حماس ويعاقب ضحايا هجوم السابع من أكتوبر 2023".

وانضم الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى صف المنتقدين، قائلاً: "لا أعتقد أنه يجب مكافأة حماس بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، فهذا يخدم مصالح الإرهابيين أكثر من مصالح السلام".

لكن في المقابل، أصر ستارمر على موقفه في خطاب متلفز قال فيه إن الوقت قد حان لبريطانيا أن تتحرك بجدية تجاه دعم حل الدولتين، مؤكداً أن بلاده ستدفع باتجاه الاعتراف بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، إذا لم تظهر إسرائيل مرونة في مواقفها السياسية والإنسانية.

فرنسا على الخط

التحرك البريطاني يأتي بالتوازي مع موقف فرنسي مشابه، حيث أعلنت باريس في وقت سابق أنها ستعترف رسمياً بالدولة الفلسطينية في سبتمبر، ما لم تلتزم إسرائيل بخريطة طريق واضحة نحو السلام، تشمل السماح بإدخال المساعدات الإنسانية وفك الحصار عن غزة، ووقف خطط ضم الضفة الغربية.

هذا التوجه الأوروبي يعكس تحولاً في المزاج السياسي الغربي تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مع تصاعد الدعوات إلى كسر الجمود الدبلوماسي المستمر منذ سنوات، خاصةً في ظل تصاعد الكارثة الإنسانية بغزة وغياب أي حل واقعي على الأرض.

الاعتراف بالدولة الفلسطينية

أوضح ستارمر أن اعتراف بريطانيا بدولة فلسطينية ليس عملاً رمزياً أو دعائياً، بل خطوة سياسية ضاغطة تهدف إلى تحريك المفاوضات المتعثرة، وضمان عدم انهيار حل الدولتين الذي يعتبر حجر الزاوية لأي تسوية دائمة.

وأكد أن القرار مشروط بعدة خطوات من جانب إسرائيل، من بينها:

  • رفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
  • وقف أية خطوات نحو ضم الضفة الغربية.
  • الالتزام بعملية سلام حقيقية تؤدي إلى قيام دولتين متجاورتين.

ويبدو أن لندن بدأت تخرج عن صمتها التقليدي مدفوعة بموجة من الضغوط الإنسانية والدولية، ومع تزايد التباين مع الموقف الإسرائيلي الذي يرفض أي شروط أو ضغوط خارجية، لا تزال الساحة السياسية الدولية بانتظار ما ستسفر عنه الأسابيع القادمة خاصة مع اقتراب الموعد الذي حدده ستارمر في سبتمبر.

صحيفة الشرق الأوسط