أطلق مرصد الأزهر الشريف تحذيراً قوياً من تصاعد الخطابات المتطرفة داخل دوائر صنع القرار في إسرائيل، والتي بدأت تترجم إلى تصورات تنفيذية خطيرة بشأن مستقبل قطاع غزة، آخرها ما ورد في تقرير حديث صادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" (INSS)، أحد أكثر المراكز قرباً من المؤسسة الأمنية والعسكرية في إسرائيل.
وبحسب المرصد، فإن التقرير الصادر عن المعهد الإسرائيلي والذي وصفه بـ"الصهيوني"، يطرح احتلال قطاع غزة بالكامل كخيار استراتيجي مثالي من وجهة نظر الاحتلال، مع فرض حكم عسكري مباشر يمتد لعامين كاملين، تحت ذريعة إعادة تشكيل الواقع السياسي والاجتماعي في القطاع، بما يخدم مصالح الكيان الصهيوني.
من يقف وراء التقرير؟
ما يزيد من خطورة هذا التقرير، وفق بيان المرصد، هو أنه ليس مجرد طرح أكاديمي معزول بل صادر عن اثنين من أبرز الخبراء الأمنيين المرتبطين مباشرة بمراكز القرار داخل إسرائيل، الأول هو كوبي ميخائيل، أحد كبار الباحثين في القضايا الأمنية الداخلية، والثاني هو يوسي كوبرفاسر، الرئيس الأسبق لشعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وهو اسم معروف داخل أجهزة الأمن والاستخبارات.
وأكد مرصد الأزهر أن صدور هذه الرؤية العدوانية من شخصيات بهذه المكانة يعزز احتمال تبنيها من قبل المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية، خاصة في ظل السياق السياسي المتأزم، مما يجعل هذه التصورات أكثر من مجرد أوراق بحثية بل سيناريوهات قابلة للتطبيق الفوري.
مشروع تهجير وتجويع وتدمير
تناول التقرير عدة سيناريوهات حول ما بعد الحرب على غزة، إلا أن أكثرها تطرفًا - وفق ما نقله المرصد - يتمثل في فرض الاحتلال الكامل وتشكيل حكومة عسكرية مؤقتة، تمهيدًا لتطبيق نموذج الضفة الغربية المعروف بسياسة "جز العشب"، والتي تعني إخضاع الفلسطينيين عبر استنزافهم المستمر والاعتقالات والسيطرة الأمنية الشاملة.
وشدد المرصد على أن هذا المخطط لو تم تطبيقه، فستكون نتائجه كارثية على سكان قطاع غزة، أبرزها:
- تشديد الحصار والتحكم الكامل في دخول الغذاء والدواء، مما يعني فرض مجاعة ممنهجة أكثر قسوة مما هو قائم حاليًا.
- إحداث تهجير داخلي واسع النطاق، من شمال القطاع إلى مناطق مكتظة بالسكان في الجنوب، يراد لها أن تتحول إلى سجن إنساني كبير يسوق للعالم باعتباره مدينة آمنة.
- إطالة أمد حرب الإبادة الجماعية، وتطبيع القتل والتشريد باعتباره جزءًا من "إدارة الأمن" بدلاً من إنهاء الاحتلال والجرائم الممنهجة.
تحذير مرصد الأزهر
في ختام بيانه، شدد مرصد الأزهر على أن ما ورد في التقرير لا يمكن فصله عن السياق السياسي الداخلي في إسرائيل، حيث تسعى حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو، إلى استثمار معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كوسيلة لضمان البقاء في السلطة وكسب دعم الناخبين المتطرفين.
وأكد المرصد أن المجتمع الدولي مطالب الآن بتحرك عاجل، ليس فقط لوقف حرب الإبادة الجارية، بل أيضًا لمنع تمرير هذا المخطط الإجرامي الذي ينذر بإبادة جماعية جديدة تحت مظلة "الترتيبات الأمنية".
وأشار المرصد إلى أن تجاهل هذا التقرير أو التقليل من خطورته يعني منح الاحتلال شرعية صامتة لتنفيذ خطط من شأنها تحويل غزة إلى نموذج أكثر مأساوية من كل السيناريوهات السابقة.