خليل السكاكيني رائداً من رواد الفكر في فلسطين في العصر الحديث

خليل السكاكيني
خليل السكاكيني

بقلم : جمانة جبر

مؤسسة عيون على التراث – غزة .

تزخر فلسطين بالكثير من الأعلام والرواد، منهم خليل السكاكيني أحد رواد التربية الحديثة، وهو من طلائع رجالات التربية ورجالات عصره، وكان مركزًا للحياة الثقافية في القدس.

ولد خليل السكاكيني في 23كانون الثاني 1878م في بيت المقدس، ونشأ في أسرة مقدسية عريقة ووالدته مريم حرامي، ووالده قسطندي السكاكيني تاجر الأخشاب.

تلقى علومه في مدرسة الروم الأرثوذكسية، ثم مدرسة الشباب المعروفة باسم صهيون البروتستانتية، وتتلمذ على يد أساتذتها وكان منهم نخلة زريق الذي كان له دور كبير في حب السكاكيني للغة والمعرفة والبحث، فقد قال السكاكيني:" صناعة التعليم آنذاك كانت ولاتزال ممقوتة ودخل أكبر أستاذ فيها لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يسد من عوز ومع ذلك آثر نخلة زريق أن يكون معلمًا وأنفق شبابه في سبيل خدمة بلاده."

تخرج السكاكيني من كلية الشباب الإنجليزية، وراح يعمل عضوًا في جمعية الآداب الزاهرة التي أسسها داوود صيداوي، وجمعتهم صداقة قوية.

ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1907م، ليعمل معلمًا للغة العربية وقام بتدريس الأجانب.

وعند منح السلطان عبد الحميد الثاني الدستور للدولة العثمانية عاد السكاكيني إلى القدس وصار يعمل محررًا في مجلة الأصمعي التي أنشأها حنا عيسى.

وفي سنة 1904م نفذ مشروعه الذي لطالما حلم به وأنشأ المدرسة الدستورية مع ثلاث من رجالات القدس وهم: علي جار الله، وجميل الخالدي، أفتيم مشبك، وتولى السكاكيني إدارتها، وكانت هذه المدرسة الأولى من نوعها في البلاد، فقد كانت تتبع أحدث أساليب التربية الحديثة، وكانت تصارع أحدث مدارس العالم المتقدم، فاهتمت بالتربية البدنية والموسيقى، وتبتعد كل البعد عن العقاب بكافة أشكاله، وأنشأ المجلة الدستورية وكان الهدف من نشأتها تدريب الطلاب على الكتابة الصحفية التي كانت تعتبر من أهم وسائل التواصل الجماهرية لتعبير عن الرأي آنذاك.

انضم السكاكيني لفترة قصيرة إلى جمعية الاتحاد والترقي، ولكنه هجرها عندما أيقن أن أهدافها لا تتلاءم مع أهدافه، ثم سعى إلى تأسيس فرع لجمعية الإخاء العربي، وقد عرف السكاكيني بجرأته في المجاهرة بأراءه العلمية، ودعا إلى مقاطعة رجال الدين الأكليروس اليوناني لطمسهم حقوق الطائفة الأرثوذكسية، ودعا لمطالبة الكنيسة إلى تعريب لغتها والصلوات فيها، وبهذا جسد خليل السكاكيني بتمرده على الكنيسة اليونانية ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ فلسطين المعاصر.

في سنة 1914م عُيّن السكاكيني عضوًا في إدارة المعارف (قومسيون المعارف) بلواء القدس وكانت مهمته الإشراف على المعلمين ونقلهم وعزلهم وسعى إلى إصلاح التعليم ومناهجه وإفساح المجال أمام تعليم البنات.

اشترك في الثورة العربية الكبرى وقاتل مع العرب ضد الأتراك وألف نشيدًا وطنيًا للثورة ولحنه ومنع من دخول القدس فتوجه لمصر.

بعد عودته إلى القدس عاد ليزاول مهنة التعليم، ثم تولى منصب مدير دار المعلمين، ثم استقر به المقام مساعدًا، ثم مفتشًا في إدارة دار المعارف الفلسطينية.

بنى خليل السكاكيني بيتًا في حي القطمون مما جناه من نشر كتبه، وجاءت الحرب على فلسطين وأدت إلى استهداف بيته واضطر للهجرة القسرية إلى القاهرة، تاركًا وراءه كل متاعه ومكتبته.

سافر للقاهرة وعمل عضوًا في مجمع اللغة العربية، وبعد سنوات من إقامته في القاهرة توفي ابنه سريّ بعد وفاة زوجته سلطانة، وبعد وفاة سريّ بثلاثة أشهر توفي المربي والأديب خليل السكاكيني في13 أغسطس 1953م، في مستشفى دار الشفاء بالقاهرة، ودفن في القاهرة في كنيسة مار جرجس الأرثوذكسية. 

وقال عجاج نويهض في ذلك:" كان السكاكيني يزحف نحو النهاية زحفًا ليلحق بابنه واسودت الدنيا في عينيه وهو يلهج (سري)، وخلف ابنتين هما دمية وهالة".

وفي عام 1990م منح اسم خليل السكاكيني وسام القدس للثقافة والفنون، وأطلق اسمه على إحدى مدارس القدس وشوارعها تخليدًا لذكراه.

وفي عام 1996م أنشئ مركزًا خليل السكاكيني الثقافي في مدينة رام الله وهو مؤسسة مستقلة غير ربحية.

 

ومن مؤلفاته وكتبه:

1. فلسطين بعد الحرب الكبرى-القدس 1920م.

2. مطالعات في اللغة والأدب-القدس 1925م.

3. سري-القدس 1935م.

4. حاشية على تقرير لجنة النظر في تيسير قواعد اللغة العربية-القدس 1938م.

5. لذكراكِ-ديوان شعر-القدس 1940م.

6. وعليه قِس-نحو-القدس 1943م.

7. ما تيسر-الجزء الأول-القدس 1943م.

8. ما تيسر-القدس-الجزء الثاني-1946م.

9. الجديد في القراءة العربية-أربعة أجزاء-القدس بين عامي 1924-1933م.

10. كذا أنا يا دنيا-أو يوميات خليل السكاكيني-وهي يوميات بدأ كتابتها من 3أكتوبر سنة1907م ووقف بها عند 16سبتمبر سنة 1951م أعدتها للنشر كريمته الآنسة هالة وطبعتها في المكتبة التجارية في القدس سنة1955م وقد أعادت لجنة تكريمه نشر جميع مؤلفاته في جزأين الأول:" الأدبيات" والثاني "اللغويات" وطبعتها المطبعة العصرية في القدس سنة1962م.

البوابة 24