في قرار قضائي غير معتاد، أصدرت المحكمة العليا في إسرائيل حكمًا يدين حكومة بنيامين نتنياهو لفشلها في توفير الحد الأدنى من متطلبات الغذاء للأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية،وجاء القرار ليضع الحكومة في مواجهة مباشرة مع انتقادات حقوقية متصاعدة في وقت تعصف فيه الحرب المستمرة منذ ما يقرب من عامين بالمشهدين السياسي والإنساني في المنطقة.
تفاصيل الحكم القضائي
قضت هيئة من ثلاثة قضاة بالإجماع بأن الدولة ملزمة قانونًا بتوفير غذاء كافٍ للأسرى الفلسطينيين يضمن لهم "مستوى أساسي من العيش"، وفي حكم آخر بأغلبية اثنين مقابل واحد، أكد القضاة أن إمدادات الغذاء المقدمة حاليًا لا تفي بالمعايير القانونية، مشيرين إلى وجود "شبهات حقيقية" بأن الأسرى يعانون من سوء التغذية وعدم تلقيهم طعامًا كافيًا.
وأمرت المحكمة مصلحة السجون باتخاذ خطوات عاجلة لتحسين أوضاع التغذية، بما يتوافق مع القوانين المحلية والمعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
خلفية القضية
يعود أصل القضية إلى التماس قدمته العام الماضي كل من جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل والمنظمة الحقوقية "جيشا"، اللتين أكدتا أن تغييرًا في سياسة الغذاء المتبعة منذ اندلاع الحرب في غزة تسبب في معاناة الأسرى من الجوع والمجاعة.
وقالت المنظمات الحقوقية إن سياسة التجويع الممنهجة تمثل شكلًا من أشكال العقاب الجماعي للأسرى الفلسطينيين، وهو ما دفع المحكمة العليا للتدخل بعد توثيق معطيات صادمة عن سوء التغذية داخل السجون.
انتقادات بن غفير
هاجم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، الحكم بشدة، قائلًا: "بينما لا أحد يساعد الرهائن الإسرائيليين في غزة، تقوم المحكمة العليا بالدفاع عن مقاتلي حماس، هذا عار علينا".
وأضاف أن سياسة تقليص ظروف الأسرى إلى "الحد الأدنى الذي يفرضه القانون الإسرائيلي" سوف تستمر دون تغيير، في إشارة واضحة إلى رفضه تنفيذ الحكم بالصيغة التي طالبت بها المحكمة.
في المقابل، دعت جمعية الحقوق المدنية إلى التنفيذ الفوري للقرار، معتبرة أن السجون الإسرائيلية تحولت إلى "معسكرات تعذيب" نتيجة سياسة التجويع والإهمال.
شهادات وانتهاكات موثقة
وثقت منظمات حقوق الإنسان سلسلة من الانتهاكات داخل السجون منذ بدء الحرب، شملت نقص الغذاء والرعاية الصحية، وسوء الظروف المعيشية، فضلًا عن تعرض الأسرى للتعذيب والضرب.
وفي مارس الماضي، توفي فتى فلسطيني يبلغ من العمر 17 عامًا داخل أحد السجون، وأكد الأطباء أن الجوع كان السبب الأرجح وراء وفاته، ما أثار موجة غضب واسعة في الأوساط الحقوقية.
ويذكر أن إسرائيل اعتقلت آلاف الفلسطينيين من غزة خلال الحرب، بعضهم تم إطلاق سراحه بعد أشهر دون توجيه تهم محددة، بينما ما يزال آخرون محتجزين وسط ظروف بالغة القسوة.