يتساءل الكثيرين عن أهمية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتماد "حل الدولتين" وإقامة دولة فلسطينية، أمس الجمعة، ومدى تأثير "إعلان نيويورك" بشكل إيجابي على مسار إنهاء حرب غزة.
وفي هذا الإطار، أشار الخبراء، إلى أن القرار الأممي ستكون له انعكاسات إيجابية على مسيرة السلام في الشرق الأوسط بوجه عام، مؤكدين أن الدور العربي الفاعل في المحافل الدولية ظهر بوضوح في هذا القرار، ما يفتح الباب لانطلاقة جديدة في الملف الفلسطيني وخطوة كبيرة نحو إنهاء الأزمة المستمرة.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد اعتمدت مشروع قرار يدعم إعلان نيويورك بشأن تنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، حيث صوّتت 142 دولة لصالح القرار، في مقابل 10 دول عارضت، و12 دولة امتنعت عن التصويت.
"حل الدولتين" وحرب غزة
ومن جهته، قال الخبير السياسي أحمد عطا إن "قرار الأمم المتحدة بشأن الحل على أساس الدولتين يمثل الحل السحري لإنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إذ أن المضي في هذا المسار سيؤدي إلى صياغة جديدة من جانب الفصائل الفلسطينية بشأن السلاح، مع تمكين السلطة الفلسطينية من إدارة الدولة بعيدًا عن الإدارة الثنائية التي تسببت تاريخيًا في أزمات للشعب الفلسطيني".
وفي السياق ذاته، أشار الخبير السياسي الدكتور مهند العزاوي، إلى أن "القرار الأممي يمثل تثبيتًا للمرجعية الدولية في معالجة النزاع، ويضع إطارًا عمليًا يربط بين وقف الحرب الحالية وفتح آفاق سياسية شاملة".
كما لفت "العزاوي"، إلى أن "هذا التطور يعزز جهود وقف إطلاق النار، ويمنح الفلسطينيين ضمانات سياسية لحقوقهم، فيما يشكل في الوقت ذاته عامل ضغط على إسرائيل للالتزام بمسار تفاوضي جاد، يحتاج إلى آليات واضحة وجداول زمنية تحددها قرارات مجلس الأمن".
فيما أكد الخبير السياسي طارق علي، أن "العمل العربي الجماعي داخل الأمم المتحدة أوجد إطارًا دوليًا موحدًا، وأسهم في إعادة تمكين السلطة الفلسطينية وإعادة إعمار غزة".
وأردف "علي"، قائلًا: "إن تطبيق حل الدولتين بدعم دولي حقيقي وضمانات سياسية وأمنية للطرفين يمكن أن يمثل مفتاحًا لإنهاء الحرب، شرط توافر إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف".
تداعيات القرار على السلام في الشرق الأوسط
وفي سياق متصل، شدد الدكتور مهند العزاوي، على أن "القرار يسهم في كبح جماح القوة الإسرائيلية، ويعيد المفاوضات المباشرة على أساس الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، كما يحد من التوترات الإقليمية التي قد تمتد إلى دول أخرى مجاورة، ويفتح المجال أمام تعاون اقتصادي وتنموي أوسع على مستوى المنطقة".
كما أشار أحمد عطا إلى ما وصفه بـ"التقارب الحقيقي بين العرب وإسرائيل، الذي سيكون مبنيًا على الحقوق الشرعية وفق قرار صادر عن الأمم المتحدة، في ظل كون الصراع العربي – الإسرائيلي نزاعًا تاريخيًا".
وبدوره، اعتبر الخبير طارق العللي أن "هذا القرار قد يضع المنطقة أمام مفترق طرق حاسم؛ إما التوجه نحو سلام شامل وعادل للقضية الفلسطينية، أو الاستمرار في حالة عدم الاستقرار التي تُهدد جميع مساعي التطبيع والسلام الإقليمي".
الدور العربي المؤثر في المحافل الدولية
كما نوه الخبير طارق علي، إلى أن "القرار الأممي أثبت أن الدول العربية لم تعد مجرد أطراف متأثرة بالأحداث، بل صارت قوى فاعلة في قيادة الحلول وصياغة الإجماع الدولي حول القضايا المركزية في المنطقة".
وأكد أحمد عطا على، أن "الدور العربي، الذي قادته دول محورية مثل السعودية والإمارات وقطر ومصر، كان حاسمًا في مواجهة الأخطار التي تهدد المنطقة، وفي مقدمتها التحديات المرتبطة بالسياسات الإسرائيلية".
كما لفت مهند العزاوي، إلى أن "القرار يعكس وحدة الموقف العربي في الدفاع عن القضية الفلسطينية، حيث لعبت الإمارات دورًا محوريًا في حشد التأييد داخل أروقة الأمم المتحدة، ما يبرز قدرة الدبلوماسية العربية على التأثير في القرارات الدولية الكبرى وفق رؤية تنطلق من المصالح المشتركة".