بقلم محمد جمال صوالي مراقب للسياسات الدولية غزة_ فلسطين \
المقترح المصري بإنشاء قوة عربية مشتركة ليس مجرد مناورة سياسية أو رغبة في استعادة دور إقليمي، بل هو إعلان صريح بأن فلسطين لم تُنسَ، وأنها لا تزال في صدارة الوجدان العربي، مهما حاولت التحالفات الجديدة أن تهمّشها أو تحوّلها إلى بند ثانوي في جدول المصالح. إنه إعادة تعريف للأمن القومي العربي، لا بوصفه حماية للحدود فحسب، بل كحماية للحق، للذاكرة، وللشعب الذي يقف وحده منذ عقود في وجه آلة الاحتلال. هذا المقترح، إن صدقت النوايا، قد يكون أول خطوة فعلية نحو كسر احتكار القوة في المنطقة، وتقديم نموذج عربي قادر على الردع، لا على التلقي. لكنه أيضًا اختبار للضمير العربي: هل نحن مستعدون لأن نضع فلسطين في قلب القرار العسكري، لا في هامش الخطاب السياسي؟ هل نملك الإرادة لنقول إن الدفاع عن غزة والقدس ليس خيارًا، بل واجبًا أخلاقيًا وتاريخيًا؟ الشارع العربي، الذي خبر خيبات العمل العربي المشترك، لا يطلب المعجزات، بل يطلب الصدق. يطلب أن يرى أن فلسطين ليست عبئًا يُتداول في المؤتمرات، بل قضية تُحمى بإرادة وقوة. في غزة، حيث الركام يتكلم، وفي الضفة، حيث الجدار يختنق، وفي الشتات، حيث الحنين لا ينام، يُنظر إلى هذا المقترح كنبض أمل، حتى لو كان مشوبًا بالحذر. فالشعوب تعرف أن الجيوش لا تتحرك بالشعارات، لكنها أيضًا تدرك أن الاعتراف بفلسطين كأولوية أمنية هو بحد ذاته انتصار رمزي، يعيد الاعتبار للكرامة العربية، ويكسر جدار الصمت الذي طالما أحاط بالقضية. وإذا ما تحولت هذه القوة من فكرة إلى واقع، فإنها لن تكون فقط ردًا على العدوان، بل إعلانًا بأن العرب قادرون على حماية ذاكرتهم، وصياغة مستقبلهم، دون إذن من أحد. إنها لحظة اختبار، لا للمقترح فحسب، بل للوعي العربي كله. فإما أن تُحمى فلسطين بإرادة وقوة، أو تبقى معلقة بين بيانات الشجب ومواسم النسيان. وأخيرا إذا العربُ اجتمعوا وكانوا سيفَ عزٍّ واحدٍ، فلسطينُ تُزهرُ من دماها، لا تُهانُ ولا تُبادْ.