على مدار الأشهر الماضية، تراوحت المواقف بين إسرائيل وحركة حماس بين تصعيد عسكري متجدد واستثمار ملف الرهائن كورقة ضغط، في ظل مفاوضات حساسة يرعاها الوسطاء، توجت بتوقيع اتفاق في شرم الشيخ المصرية من المأمول أن يمهد لإنهاء حرب غزة التي استمرت عامين.
تصعيد جديد يهدد مسار التهدئة
وفي ظل اقتراب موعد قمة شرم الشيخ المخصصة للسلام في غزة، الإثنين، برزت نقاط الخلاف بين حماس وإسرائيل إلى الواجهة مجدداً، وتصاعدت التصريحات المقلقة بين الطرفين، مما جعل مسار التوافق بينهما يبدو هشاً ومشحوناً بالمفاجآت، وأثار تساؤلات حول مدى قدرة أي اتفاق محتمل على الصمود.
موقف حماس: "لا للتوقيع ولا للرحيل"
وكانت حماس قد أعلنت أمس السبت، أنها لن تشارك في التوقيع الرسمي على الاتفاق الهادف إلى إنهاء الحرب في غزة، المقررة في شرم الشيخ.
وفي هذا الإطار، قال عضو المكتب السياسي للحركة حسام بدران لـ"فرانس برس"، إن "حماس لن تكون مشاركة" في عملية التوقيع بل سيقتصر الأمر على "الوسطاء والمسؤولين الأميركيين والإسرائيليين".
بينما ينص أحد بنود خطة ترامب على حصول عناصر حماس الذين يرغبون في مغادرة غزة على حق المرور الآمن إلى بلدان أخرى، اعتبر بدران أن الحديث عن مغادرة قادة الحركة لقطاع غزة بموجب اقتراح تضمنته خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب "عبث وهراء".
وتابع "بدران"، قائلاً: "الحديث عن إخراج الفلسطيني، سواء من حماس أو غيره، من أرضه (هو) حديث عبث وهراء، ولا يمكن أن يوافق عليه أي فلسطيني".
وفي تحذير مباشر إلى إسرائيل، قال بدران إن حماس سترد على "أي عدوان إسرائيلي" في حال استؤنفت الحرب.
وفيما يتعلق بمطلب نزع السلاح والذي شكل أحد أبرز بنود خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة، أكد مسؤول في الحركة أن هذا الموضوع "خارج النقاش وغير وارد".
كما تشمل خطة ترامب في البند 13 على أنه "سيتم تدمير كل البنى التحتية العسكرية والإرهابية والهجومية، بما في ذلك الأنفاق ومنشآت إنتاج الأسلحة، ولن يعاد بناؤها، حيث ستكون هناك عملية لنزع السلاح من غزة تحت إشراف مراقبين مستقلين ستشمل وضع الأسلحة خارج الخدمة بشكل دائم، عبر عملية نزع سلاح متفق عليها ومدعومة ببرنامج لإعادة الشراء وإعادة الإدماج ممول دولياً".
رد إسرائيل: استمرار الوجود العسكري في غزة
في المقابل، وقبل ساعات من انطلاق قمة شرم الشيخ المرتقبة، توعد وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس بتدمير كل الأنفاق في قطاع غزة بعد الإفراج عن المحتجزين هناك.
وأوضح كاتس، في اليوم الثالث من وقف إطلاق النار، أن هذه العمليات ستتم في إطار "آلية دولية بإشراف الولايات المتحدة".
من جهته، شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على أن القوات الإسرائيلية ستواصل وجودها داخل قطاع غزة، بهدف ممارسة الضغط على حركة حماس حتى تلقي سلاحها بشكل كامل.
وقال نتنياهو، الذي لم يؤكد بعد مشاركته في قمة شرم الشيخ، إن "حماس وافقت على الاتفاق بعدما أدركت أن السكين على رقبتها"، مضيفاً أن الجيش الإسرائيلي "سيبقى في قطاع غزة ويسيطر على المناطق المهمة".
والجدير بالإشارة أن البند الـ16 من خطة ترامب ينص على أن إسرائيل لن تحتل غزة أو تضمها إليها، مع إرساء قوة الاستقرار الدولية السيطرة والاستقرار، وينسحب الجيش الإسرائيلي على أساس معايير ومراحل وجداول زمنية مرتبطة بنزع السلاح يتم الاتفاق عليها بين الجيش الإسرائيلي وقوة الاستقرار الدولية والضامنين والولايات المتحدة.
قمة شرم الشيخ
كما تستضيف مصر بعد ظهر الإثنين في شرم الشيخ قمة من أجل السلام في غزة يترأسها الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والأميركي دونالد ترامب، ويشارك فيها قادة أكثر من 20 دولة والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وكشفت الرئاسة المصرية في اليوم الثاني من وقف إطلاق النار، أن القمة تهدف إلى "إنهاء الحرب في قطاع غزة وتعزيز جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وفتح صفحة جديدة من الأمن والاستقرار الإقليمي".
كما شدد عدد من القادة مشاركتهم، من بينهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس.
ومن جهته، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن زيارته إلى مصر لتأكيد "دعمه لتنفيذ الاتفاق الذي عرضه الرئيس ترامب من أجل وضع حد للحرب في غزة"، وسيجري محادثات "مع شركائه حول المراحل المقبلة من تنفيذ خطة السلام"، وفق ما أفاد قصر الإليزيه.
كما يشارك أيضاً رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في القمة التي "تمثل منعطفاً تاريخياً من أجل المنطقة بعد سنتين من النزاع وإراقة الدماء"، إلى جانب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي أنطونيو كوستا.
تبادل الأسرى والرهائن
وتشمل المرحلة الأولى من اتفاق غزة على تبادل الرهائن الـ47 المتبقين في غزة من أصل 251 اختطفوا في هجوم 7 أكتوبر 2023، إضافة إلى رفات رهينة احتُجز عام 2014.
في حين تفرج إسرائيل عن 250 معتقلاً فلسطينياً محكومين بالسجن المؤبد، و1700 معتقل من سكان غزة احتجزوا منذ اندلاع الحرب.
وأعلنت السلطات الإسرائيلية السبت أنها جمعت في سجنين المعتقلين المتوقع الإفراج عنهم مقابل إعادة الرهائن في غزة.
وأفاد قيادي في حماس بأن الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين في غزة سيبدأ صباح الإثنين.
