خانوا الخيام وساكنيها !؟

 بقلم / منيب حمودة

أن تقيم في خيمة بالية مع الناس الغلابا والضحايا والموجوعين والفاقدين ؛؛ وأن تبيت تحضن الكثير من أحزانهم وعذاباتهم ؟؟ وأن تعيش أدق تفاصيل عيشهم وأحوالهم من أول تنفس الصباح وصولاً إلى أول شخير المتعبين على فراش مهترئ تكسيه سواد سخام مواقد النار !؟( مواقد النار من بقايا الخرق البالية والنايلون وبلاستيك الخزانات والبرابيش !؟) أن تكون بينهم في وسط بؤسهم ؟؟ وإصرارهم على الحياة !؟ مؤكد أن عيشك وإختيارك للبقاء ببنهم ومعهم ؟ سيعلمك الدروس أفضل من كل فصول الجامعات والمعاهد والمكتبات ودور عرض السينما والمسرح وندوات وورشات عمل !؟) أن تعيش في الخيام في قلب المأساة وبين حفر الإمتصاص ؟ في الحال .. ستسقط كل كتب وأدبيات وخطابات وشعارات الحركات المتأسلمة منذ النشاة والتكوين إلى طريق التمكين !؟ ماذا قالوا !؟ وماذا صنعوا !؟ وكيف أجرموا !؟ ولماذا خانوا !؟ خانوا من ؟! يا منيب حمودة ؟! - خانوا صاحب السيادة !! وصاحب المال !! وباب الشرعية !! بمعنى خانوا الشعب !؟ خانوا الوطن وإرادة وعزيمة الأرض !؟ خانوا من أوصلوهم وساروا بهم على الأكتاف !؟ خانوا من أتعبوهم بحمل هموم الحياة زمن حرب الإبادة الجماعية ؟! والسياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية !؟ خانوا الخيام وساكنيها !؟ وتركوهم وحدهم بلا معين أو نصير !؟ خانوا من هم قواعد وركائز الوطن ! هؤلاء يا سادة .. مجموع الشعب .. هم وحدهم أصحاب القرار و التجارب والخبرات وما زالوا يشتبكون مع الحياة * وما زالوا يواجهون وحدهم عبثكم بمصائرهم !؟ وسلوك مجرميكم من تجار و مرابين وحملة بنادق فاجرة !؟ هؤلاء مجموع الشعب ما زالوا يعانون ويشتبكون مع سلوكيات بعضهم .. من المتعبين !! عوضاً أن يسند بعضهم بعضاً ! لمواصلة الصمود والبقاء على هذه الأرض ( سيدة الأرض على قول محمود درويش **) سيدي المواطن الفلسطيني .. أعترف أنني عاجز عن رسم لوحة بالقلم تفتح باب أوجاعك على مدار السنوات الأخيرة !؟ في كل مرة يستجيب القلم !؟ تعود الأحداث لتسحبه من بين يدي !؟ ليتوقف سيل الخواطر عن المسير !؟ عائداً إلى سخام الخيمة والمواقد !؟ وفجاة يدوي في الفضاء زامور شاحنة الماء !؟ لتهرول الخيام بدلائها وقرابها حيث زحام الطابور صبية وصبايا وشيبة وشباب وعراك وإشتباك !؟ وشمس تحرق ما تبقى من حياء في وجوه الغلابا !؟ هذا أنا عجوز أجلس مستندا بتوازن على وسادة تعتلي حجر !؟ أمسح العرق بطرف الفانيلة السفلي !! أرقب أطفال عائدين فرحين إلى عذاب الخيمة .. ببعض ماء في دلاء يندلق على أقدامهم بين الخيام !!؟؟ وهم يتبادلون الحديث والمزاح عن حكاية الطابور والزحام !؟ وكيف تعثرت هاجر وإندلق الماء ؟؟ لتعود إلى خيمتها كراسب ثانوية عامة !؟ هذه بعض طقوسنا في بركات الطوفان !؟ وعذابات الخيام .. فلا ترتيل للقرٱن !؟ ولا صوت مؤذن الصلاة !؟ ولا هدوء ولا راحة بال ! ولا موسيقى ولا ليلة فرح ولا غناء !؟ ولا حديث سوى غلاء الأسعار وإختفاء السكر والدقيق عند أول خرق للهدنة !؟ وعن عمولة السيولة والعشرين المخزوقة !؟ وعدد الشاحنات والمساعدات !؟ ونار الميليشيات والعصابات !؟ ولا حديث عن حرية وإنعتاق !! ولا عن وطن ودولة !! سيدي المواطن .. نعم نحن قوم الغلابا .. والمساكين والمسخمطين والمحزونين !؟ وقود المعارك !؟ وحشود أيام المهرحانات !؟ وصراخ وصوت الهتاف للحركة والوالي !؟ نحن حضور و شركاء إلا في الغنائم والمكاسب والمناصب !!؟؟ سيدي المواطن .. نحن أوفينا المكيال للحزب من دمنا ومالنا وعرقنا !!؟؟ و تحصلنا على حصتنا من والي الحزب كاملة من التجاهل والإبعاد والإقصاء !؟ سيدي المواطن .. تعايشت مع اللصوص فسرقوا الخيام وساكنيها ؟؟!!

البوابة 24