غضب إسرائيلي متصاعد من سياسة ضبط النفس الأمريكية تجاه حماس واتفاق غزة

الحرب في غزة
الحرب في غزة

 

تشهد الأوساط السياسية والأمنية في إسرائيل حالة من الغضب والاحتقان تجاه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بسبب ما تصفه تل أبيب بـ"سياسة ضبط النفس المفرطة" التي تمنع إسرائيل من الرد العسكري بحرية على خروقات حركة حماس في قطاع غزة، وفق ما كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين بارزين أن اتفاق ترامب الأخير حول غزة يفتقر إلى وسائل الضغط الفعالة لإجبار حماس على الالتزام الكامل ببنوده، خاصة فيما يتعلق بإعادة جثث الجنود القتلى الإسرائيليين، وأضافوا أن الضغوط الأمريكية المستمرة حالت دون تنفيذ ردود عسكرية حاسمة ضد الحركة، رغم تكرار انتهاكاتها.

أزمة الرهائن وثغرات اتفاق غزة

أكدت المصادر أن إسرائيل تمكنت مؤخرًا من استعادة جثتين جديدتين والتعرف على هويتهما، لكنها شددت على أن ملف الرهائن ما زال مفتوحًا، كاشفة عن وجود ثغرات خطيرة في الاتفاق الذي توسطت فيه واشنطن بين تل أبيب وحماس.

وبحسب المسؤولين، كان من المفترض أن تتخلى حماس عن سلاحها وسيطرتها على القطاع بموجب الاتفاق، إلا أنها لا تزال تحتفظ بترسانتها العسكرية وتدير شؤون غزة دون أي بوادر على تراجع قوتها، رغم مرور أكثر من عامين على هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي فجّر الحرب الأخيرة.

قيود أمريكية وشلل في القرار الإسرائيلي

وخلف الكواليس، عبر مسؤولون إسرائيليون عن إحباطهم من “القيود الأمريكية” المفروضة على قراراتهم العسكرية، مشيرين إلى أن واشنطن تتحكم فعليًا في مسار الأحداث داخل غزة.

وقال أحدهم: "الأمريكيون يديرون الحدث بالكامل، ونتنياهو لا يملك مساحة مناورة حقيقية"، في إشارة إلى تقليص صلاحيات رئيس الوزراء الإسرائيلي في الرد الميداني.

كما أوضح المسؤولون أن العمليات الجوية الإسرائيلية أصبحت خاضعة لتنسيق مباشر مع واشنطن، وأن أي غارات أو تحركات عسكرية تحتاج موافقة أمريكية مسبقة، حتى تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، الذي قال مؤخرًا إنه "ليس من المؤكد أن حماس مسؤولة عن مقتل الجندي فيلدباوم", أثارت غضبًا واسعًا داخل إسرائيل، واعتُبرت تخفيفًا غير مبرر للضغط على الحركة.

“فيتو” أمريكي ضد التصعيد الإسرائيلي

كشفت الصحيفة أن الحكومة الإسرائيلية ناقشت فرض عقوبات على حماس بعد حادثة رفح الأخيرة، شملت احتمال اجتياز “الخط الأصفر” المنصوص عليه في اتفاق غزة، إلا أن إدارة ترامب اعترضت بشدة على الخطوة بعد مشاورات مع نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، وهو أبرز حلقة وصل بين تل أبيب وواشنطن.

وقال مسؤول إسرائيلي ساخرًا من الموقف الأمريكي: "الأمر أصبح روتينيًا؛ حماس تنتهك الاتفاق، إسرائيل تهدد بالرد، ثم تأتي واشنطن لتعطّل التنفيذ".

رقابة أمريكية ميدانية على الجيش الإسرائيلي

وفي مؤشر على تصاعد النفوذ الأمريكي، وصل رئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال دان كين إلى إسرائيل في زيارة غير معلنة رسميًا، وصفها المسؤولون الإسرائيليون بأنها مهمة لمراقبة نتنياهو شخصيًا، معتبرين أن الزيارة تعكس إشرافًا أمريكيًا مباشرًا على العمليات في غزة.

ومن المتوقع أن يتابع الجنرال كين تنفيذ خطة ترامب ميدانيًا، ويضمن عدم قيام الجيش الإسرائيلي بأي تحركات منفردة قد تُفشل المسار السياسي الجاري.

تشكيل قوة استقرار بإشراف أمريكي

تزامنًا مع هذه التطورات، يواصل جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، مستشارا ترامب، جهود تشكيل قوة استقرار متعددة الجنسيات في غزة، بينما طلبت واشنطن من عدد من الدول العربية المشاركة بقوات رمزية، لكن تلك الدول رفضت الفكرة رفضًا قاطعًا، خشية الدخول في مواجهة مباشرة مع حماس.

ووفق المسؤولين الأمريكيين، سوف تتولى الولايات المتحدة الإشراف المؤقت على العمليات الإنسانية في غزة ابتداءً من 7 نوفمبر المقبل، إلى حين اكتمال تشكيل القوة الدولية.

ومع ذلك، يشكك مسؤولون في تل أبيب في قدرة القيادة الأمريكية على إدارة القطاع أو الوفاء بالتزاماتها الأمنية، مؤكدين أن الوضع برمته قائم على التنسيق فقط وليس على سيطرة حقيقية أو وضوح في الأهداف.

إرم نيوز